ويقول ستانلي لاين بول المؤرخ الإنكليزي واصفا تلك الحضارة بعبارة موجزة مملوءة بالمعاني " " إن حكم عبد الرحمن الثالث الذي قارب خمسين سنة أدخل على أحوال إسبانيا تجديدا لا يلم الخيال - على أجمع ما يكون - بحقيقة فحواه " 1 ا-هـ.

وكانت هناك نافذة أخرى فتحت أمام أوروبا من الشرق وهي الحملات الصليبية على بلاد الإسلام فقد جلب الصليبيون معهم إلى أوروبا كثيرا من عادات المسلمين وأزيائهم وأنماط حياتهم ووسائلهم في الحرب والبناء فارتفعت الحصون والقلاع والكنائس في أوروبا متخذة في أشكالها هندسة البناء الشرقي الإسلامي، هذا إلى جانب ما حملوا هم أو حمله إليهم سفراء المسلمين وبعثاتهم من أنواع الثقافة وتحت الحضارة الإسلامية في العصور المختلفة حتى عصر العثمانيين. ولا شك أن عالم الكنيسة النصرانية أيقن أن زحف المسلمين هذا لم يكن زحفا عسكريا فحسب، بل كان حضارة تمتد وتبسط نفوذها وتنشر معالمها في كل بقعة تصل إليها فتغير من حياة الشعوب وأفكارهم وعقائدهم وأسلوب حياتهم …

وكان بداية ظهور تأثير الحضارة الإسلامية على شعوب أوروبا أن ملوك الفرنجة بدءوا يحاولون التخلص من نفوذ الكنيسة وتسلطها الرهيب، وقد كانت الكنيسة في تلك العصور إذا أعطت صكا بالرضا والغفران لواحد منهم استقر ملكه واطمأن على كرسيه فإن غضبت على أحدهم فحكمت عليه بالكفر والجحيم نهش الناس ملكه ومزقوه إربا إربا..

ووضع كثير من المفكرين الذين فتحت الحضارة الإسلامية أعينهم وضعوا الكنيسة موضع المناقشة والاتهام، حتى تجلت تلك المناقشات عن حركة انشقاقية في قلب الكنيسة عرفت فيما بعد باسم الكنيسة البروتستانتية..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015