ذكر القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن شبرين

وَمِنْهُم مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الجذامي نزيل غرناطة، وَأَصله من إشبيلية، من حصن شلب من كورة باجة غربي صقعها؛ يكنى أَبَا بكر، وَيعرف بِابْن شبرين. وانتقل أَبوهُ عَن إشبيلية عِنْد تغلب الْعَدو عَلَيْهَا، وَذَلِكَ عَام 646: فاحتل رندة، ثمَّ غرناطة، ثمَّ انْتقل إِلَى سبتة، وَبهَا ولد ابْنه أَبُو بكر هَذَا. ثمَّ عَاد عِنْد الْحَادِثَة الَّتِي كَانَت بهَا فِي أَوَاخِر عَام 705 إِلَى غرناطة؛ فارتسم بهَا فِي الْكِتَابَة السُّلْطَانِيَّة. ثمَّ تولى الْقَضَاء بِكَثِير من الْجِهَات. وَكَانَ رَحمَه الله! فريد دهره فِي حسن السمت، وجمال الرواء، وبراعة الْخط، وَطيب المجالسة، من أهل الدّين وَالْفضل وَالْعَدَالَة، غابة فِي حسن الْعَهْد ومجاملة الْعشْرَة، أَشد النَّاس اقتداراً على نظم الشّعْر والكتب الرَّائِق. قَرَأَ على جده لأمه الْأُسْتَاذ أبي بكر بن عُبَيْدَة الإشبيلي، وعَلى الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق الغافقي. وَكَانَت لَهُ رحْلَة إِلَى مَدِينَة تونس، لَقِي بهَا قَاض الْجَمَاعَة الشَّيْخ الإِمَام أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الرفيع وَغَيره؛ فاتسع بذلك نطاق رِوَايَته. وَمن شعره: لي همة كلما حاولت أمْسكهَا ... على المذلة فِي أرجا أراضيها قَالَت: ألم تَكُ أَرض الله وَاسِعَة ... حَتَّى يُهَاجر عبد الْمُؤمن فِيهَا وَله فِي برد غرناطة: رعى الله من غرناطة متبوءاً ... يسر كئيباً أَبُو يجير طريدا تبرم مِنْهَا صَاحِبي بعد مَا رأى ... مسارحها بالبرد عدن جليدا هِيَ الثغر صان الله من أهلت بِهِ ... وَمَا خير ثغر لَا يكون برودا توفّي، عَن غير عقب من الذُّكُور، ثَالِث شعْبَان من عَام 747.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015