فأخلى بعد البيت الأول. وما ذلك إلا لأنه قد قال كلما يقال في صدر هذا المطلع وعجزه، وكيف يستطاع إدراك ما سبيل منجاته قد درس. وقد روى عن الأمير عبد المؤمن بن علي أن شاعرًا أنشده (?):

ما للعدا جنة أوقى من الهرب ... أين المفر وخيل الله في الطلب

فاكتفى منه بسماع البيت الأول وأجازه، وكان عبد المؤمن أديبًا شاعرًا ناقدًا فكأن قفد أحسن بأن ما بعد هذا البيت سيكون دونه- وما كذلك شأن حبيب إذ قال:

السيف أصدق أنباء من الكتب

فالسامع ينتظر هذه الأنباء، وإذ قال:

الحق أبلج والسيوف عواري

فالسامع ينتظر ما بعد هذا التهويل المجمل من تفصيل.

ولحرص الناس على جد الشعر أن يصيبوه عظم أمر لامية الطغرائي:

أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل

مجدي أخيرًا ومجدي أولًا شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل

وأمر لامية ابن الوردي:

اعتزل ذكر الأغاني والغزل ... وقل الفصل وجانب من هزل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015