لما مضى لم يعمل عمل الفعل في قول الجمهور (?)؛ لما ذكرنا، وأجاز بعض الكوفيين إعماله عمل الفعل حملاً له على جنسية الأفعال لا مخصوصها، وراعى اللفظ وقوة شبهه (?) ونظر إلى أحد الطرفين ولم يلتزم النظر إلى الطرف الآخر، وهو الإعراب، فيراعي المحمول على المعرب من الأفعال بل نظر إلى الحمل على الأفعال في الجملة، وكلها عامل، فكل ما حمل على ضروبها عاملٌ عملتها، واحتج بظاهر المسموع ولم يلتفت إلى تأوله (?) فلو قلت: زيدٌ ضاربٌ عمراً أمس، لم يجز عند الجمهور، كما جاز: زيدٌ ضاربٌ عمراً الآن أو غداً.

وإنما باب الماضي عندهم الإضافة الحقيقية، كقولك: زيدٌ ضاربٌ عمروٍ أمس فيكون ضاربٌ عند سيبويه (?) ومن تابعه، وهم الأكثرون، في هذه المسألة وإن كان مشتقاً جارياً في إبطال عمله لمضيه مجرى الأسماء الصريحة الأول، وهي الجوامد غير المشتقة كغلام وفرسٍ إذا قلت: غلام زيدٍ وفرس عمرو، ولهذا لا يجوز عندهم أن تصف به نكرةً وأنت تريد به حذف تنوينه تخفيفاً كما أردت ذاك في اسم الفاعل إذا كان للحال أو الاستقبال، فلا تقول عندهم: مررت برجلٍ ضارب عمرو أمس وأنت تريد ضاربٍ عمراً أمس كما تقول: مررت برجلٍ ضاربٍ عمروٍ غداً أي ضاربٍ عمراً، وكما جاء في التنزيل: {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (?) [الأحقاف: 24] أي ممطرٌ إيانا، فوصف به النكرة مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015