صفي النسمات هي حَمْدة - أو حمدونة - بنت زياد وأصلها من وادي آش أحد أعمال الأندلس وهي أسبق من ولادة عهداً وأبعد منها مدى، وفي شعرها أنوثة وسهولة نادرة وخيال بعيد.

ومن شعرها، وكانت قد خرجت إلى النهر مع صبية، فلما نضت عنها ثيابها وعامت، قالت:

أباح الدمع أسراري بوادي ... له في الحسن آثار بَوَاد

فمن نهر يطوف بكل روض ... ومن روض يرف بكل واد

ومن بين الظباء مهاة أنس ... سبت لي وقد ملكت فؤادي

لها لحظ ترقده لأمر ... وذلك الأمر يمنعني رقادي

إذا سدلت ذوائبها عليها ... رأيت البدر في أفق السواد

كان الصبح مات له شقيق ... فمن حزن تسربل بالسواد

فهذا هو الشعر النسوي الذي تسيغه نفوس النساء ويتأثرن ويقتفين سبيله، ومن أفضل ما يسمو إليه الخيال قولها تصف الرملة من أراضي وادي آش:

وقانا لفحة الرمضاء واد ... سقاه مضاعف الغيث العميم

حللنا دوحه فحنا علينا ... حنوّ المرضعات على الفطيم

وأرشفنا على ظمأ زلالا ... ألذ من المدامة للنديم

يصد الشمس أنى واجهتنا ... فيحميها ويأذن للنسيم

يروع حصاة حالية العذارى ... فتلمس جانب العقد النظيم

فهذا الأسلوب من الشعر لا تحد أرق ولا أدق ولا أنعم في الآذن ولا أندى على الأكباد منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015