ويدخل بعض حجر نسائه فيكون ذلك هناك. وكان لا يثيب أحداً من ندمائه وغيرهم درهماً فيكون له رسماً في الديوان، ولم يُقطع أحداً ممن كان يضاف إلى ملهية أو ضحك أو هزل موضع قدم من الأرض.

ولما خلف من بعدهما المهدي أراد أول أمره أن يحتجب عن الناس متشبها بالمنصور فلم يطق البقاء على ذلك إلا قرابة سنة، ثم انكشف للندماء، فأشار عليه عبد الملك بن يزيد قائده وصاحبه أن يحتجب عنهم. فقال: إليك عني يا جاهل! إنما اللذة في مشاهدة السرور، وفي الدنو ممن سرني، فأما من وراء وراءهما فما خيرها ولذتها؟ ولو لم يكن في الظهور بين الندماء والإخوان إلا أني أعطيهم منم السرور بمشاهدتي مثل الذي يعطوني من فوائدهم لجعلت لهم في ذلك حظا

موفوراً. ومن ثم بدأ المهدي يتبذل.

وقد غلب شغفه بالجواري. فكان لا يطيق الصبر عن محادثتهن ومجالستهن وكان وزيره يعقوب بن داود يستثمر تلك العاطفة لنفسه. فكان إذا غضب تقرب إليهِ بذكر الجواري وأخذ يحدّثه عنهنّ فيرضى عنه.

وما أظنك بخليفة في جاريته حتى يقول فيها:

أرى ماء وبي ظمأ شديد ... ولكن لا سبيل إلى الورود

أما يكفيك أنك تملكين ... وأن الناس كلهم عبيدي

وأنك لو قطعت يدي ورجلي ... لقلت من الهوى أحسنت زيدي

ذلك قول المهدي في حسنه جاريته.

وفي سبيل المهدي تداعى بنوه وحفدته. فهذا الهادي تملك زمام قلبه جاريته غادر حتى لا يطيق فيها لوماً ولا يجد عنها مصرفا.

وهذا الرشيد، ذلك الجبار الذي يرسل الكلمة فلا يبالي أي دم سفكت ولا أي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015