بصبص

جارية أوتيت كثيراً من ملاحة الوجه وسحر الغناء. تلقت صناعتها عن الطبقة الأولى من المغنين. وكانت في رق يحيى بن نفيس، وكان يحيى صاحب قيان، يُرَوَّيَهن الشعر ويعلمهن الغناء، ومن أجل ذلك كانت داره بالمدينة مهبطا للوجوه والأشراف، ووصفت للمهدي وهو ولي عهد فاشتراها بسبعة عشر ألف دينار، وقيل إنه استولدها ابنته عُلية، وكان عبد الله بن مصعب حفيد ابن الزبير يأتيها بالمدينة في فتيان قريش فيستمع منها، وكان من أشد الناس إعجابا بها، وفيها يقول حين قدم المنصور منصرفاً من الحج ومر بالمدينة:

أراحل أنت أبا جعفر ... جاوزت العيس مِنْ بَصْبصا؟

هيهات أن تسمع منها إذا ... جاوزت العيس بك الأعوصا

فخذ عليها مجلسَيْ لذة ... ومجلساً من قبل أن تشخصا

أحلف بالله يمينا ومن ... يحلف بالله فقد أخلصا

لو أنها تدعو إلى بيعة ... بايعتها ثم شققت العصا

وما كان أجرأ ذلك الفتى القريش على المنصور وهو الذي لا تأخذه في سفك الدماء ملامة ولا يثنيه عنها حرج، ولقد بلغ المنصور هذا القول فاشتد غضبه، ودعا الشاعر وقال له: أما إنكم يا آل الزبير قديما ما قادتكم النساء وشققتم معهن العصا حتى صرت أنت آخر الحمقى، تبايع المغنيات، فدونكم يا آل الزبير هذا المرتع الوخيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015