ومن هؤلاء بكارة الهلالية، وسدودة ابنة عمارة، وآمنة بنت الشريد، وأم سنان بنت خيثمة، وكثيرات من نظائهرهن وأشباههن، ممن أوتين جوامع الكلم، وجمعن أشتات الحكم ولنا إليهن عودة عند الكلام على مقالاتهن، بين ازدحام الصفوف، وتحت ظلال السيوف.

ولما تبدّلت الأيام بعهد عليّ عهد معاوية، كانت بلاد العراق مجالات الشيعة، ومباءات الفتن، وموطن الانتفاض عليه. فرماها بداهيتي العرب، المغيرة بن شعبة، وزياد بن أبي سفيان، واحدا بعد واحد، وأوصاهما أن يلعنا علياًّ على

المنابر، وأن يتخذا السيف حَكَما بينهما وبين الناس. فقام في وجههما حُجْرُ بن المجامع تعْقَدُ بنجوة من أعين الرقباء. وما زال أمر حجر يستطير، وصوته يعلو، حتى اننتزعه زياد من العراق، وقاده إلى معاوية، فقتله.

وكانت هند بنت يزيد الأنصارية ممن شايعنه وناصَرْنه وأعنّهُ. وهي امرأة قَلّ أن تدانيها امراءة، في بُعد الرأي، وقوة البيان.

ومن قولها ترثي حجراً:

ترفّع أيها القمر المنير ... تبصّ هل ترى حجْراً يسير

يسير إلى معاوية بن حرب ... ليقتله كما زعم الأمير

تجبرت الجبابر بعد حجر ... وطلب لها الخَوَرْنقُ والسّدِير

وأصبحت البلاد لها مُحُولا ... كأن لم يحيها بَرقْ مطير

ألا ياحُجْرُ حُجْرُ بني عديّ ... تلقّتك السلامة والسرور

أخاف عليك ما أدري عديا ... وشيخاً في دمشق له زئير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015