إلا عشرة أو نحوهم، وقفوا يدرءون عن رسول الله ويحولون دون الوصول إليه.

هنالك جاء دور نسيبة، فانتفضت سيفها واحتملت قوسها، وذهبت تصول وتجول بين يدي رسول الله: تنزع عنه القوس، وتضرب بالسيف وحولها من الغُر المذاويد عليٌ وأبو بكر وعمر وسعد وطلحة والزبير والعباس، وولداها وزوجها فكانت من أظهر القوم أثراً، وأعظمهم موقفاً.

وكانت لا ترى الخطر يدنو من رسول الله حتى تكون سداده وملء لهوته حتى قال صلى الله عليه وسلم: ما التفتّ يميناً وشمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني.

ومما حدث به ابنها عمارة قال:

جُرحْتُ يومئذ جرح في عضدي اليسرى. ضربني رجل كأنه الرَذقل، ومضى عني، ولم يُعَرَذج علي، وجعل الدم لا يرقأ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعصب جرحك. فأقبلت أمي إلى، ومعها عصائب في حقويها. قد أعتدتها للجراح. فربطت جرحى، والنبي واقف ينظر إليّ. ثم قالت: أنهض بُني، فضارب القوم، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم: ومن يُطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟ قالت: وأقبل الرجل الذي ضرب ابني فقال رسول الله: هذا ضارب ابنك، قالت: فاعترضت له، فضربت ساقه، فبرك. قالت: فرأيت رسول الله يبتسم حتى رأيت نواجذه، وقال: استقدّت يا أمّ عمارة. ثم أقبلنا نَعُلُّه بالسلاح حتى أتينا على نفسه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي ظفرك وأقرّ عينك من عدّوك، وأراك ثأرك بعينك.

وأُصيبت نسيبة في هذا اليوم بثلاثة عشر جرحا، واحد منها غار في عاتقها فنزف الدم منه، وهي رغم ذلك كالصاعقة الساحقة تضرب في نحور العدوّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015