المراه (صفحة 243)

تحط من قيمة تلك الأمة في نظر الإفريقيين، وفي أذهان أصدقاء الإنسانية والحضارة الذين يعملون على التوفيق بين الشعوب وتوحيدها، وعلى تدعيم علاقاتها الإجتماعية والتجارية والسياسية.

في عهد ولاية السيد بورمون، كان السيد دوبينيوز هو الرئيس المكلف بقسم الشرطة وكان يدرك مصالح البلاد إدراكا تاما، يضاهي إدراكه لمصالح فرنسا. وأثناء إقامته القصيرة في مدينة الجزائر، جاءني ذات ليلة يريد الإجتماع بي لنبحث عما يمكن استعماله من وسائل للإعانة الطبقة المحتاجة. كان أثرياء المدينة يهاجرون منها، وكانت الصناعة قد أصبحت أثرا بعد عين، وكان البؤس قد انتشر، وأذكر أنني أثناء حديثنا حول هذا الموضوع ; قد قلت له: بما أن المؤسسات الخيرية، المخصصة أساسا لمساعدة هذه الطبقة توجد تحت تصرف السلطة الفرسية، فإنه يجب أن يكون كل حق الانتفاع، الناتج عن تلك المؤسسات، لفائدة أولئك المحرومين. عندما طلب مني السيد دوبينيوز أن أقدم له قائمة بأسماء أهم الأعيان لتكوين لجنة تشرف على الأوقاف. فقدمت له القائمة، ولكن الأمر بقي عند ذلك الحد، إذ لم يعمل بالآراء التي أبديتها، واحتفظت السلطة بتلك المؤسسات الخيرية. ومن سوء حظ سكان مدينة الجزائر أن السيد دوبينيوز استبدل في مهامه، لأن ذلك الرجل الموقر كان يفهم الأوضاع ويعمل، بقدر الإمكان، على إصلاح مفاسدها.

أعتقد أنني عثرت على السبب الذي جعل الموظفين الفرنسيين يشيرون على الحكومة الفرنسية بالاستيلاء على تلك المؤسسات: إنهم فعلوا ذلك، أولا للحصول على وسيلة يكسبون بها ثروة طائلة، في أسرع وقت ممكن، ولو على حساب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015