واذ كان الشافعي ممتنًا على أحمد بالفقه والأصول وصناعة الحجج والأدلة على الأحكام، فإن أحمد هو الآخر ممتن على الشافعي بالكشف عن علل الأحاديث وأسانيدها وطرقها وما صح منها مما لم يصح. قال ابن كثير:

وقد قال الشافعي لما اجتمع به في الرحلة الثانية إلى بغداد بعد سنة 190 هـ، وعمر أحمد إذ ذاك نيف وثلاثون سنة، قال له: يا أبا عبد الله، إذا صح عندكم الحديث فاعلمني به، أذهب إليه حجازيًا كان أو شاميًا أو عراقيًا أو يمنيًا. وقول الشافعي له هذه المقالة تعظيم لأحمد واجلال له، وإنه عنده بهذه المثابة إذا صحَّح أو ضعَّف يرجع إليه في ذلك (?).

وقال ابن أبي حاتم:

سمعت أبي يقول: كان أحمد بن حنبل بارع الفهم لمعرفة الحديث بصحيحه وسقيمه، وتعلم الشافعي أشياء من معرفة الحديث منه، وكان الشافعي يقول لأحمد: حديث كذا وكذا قوي الإسناد محفوظ؟ فإذا قال أحمد: نعم، جعله أصلًا وبنى عليه (?).

ومن أجل هذا كان الإمام الشافعي يزوره، فلما قيل له في ذلك أنشد:

قالوا يزورك أحمدٌ وتزوره ... قلت المكارم لا تفارق منزلَهْ

إن زارني فبفضله أو زرتُهُ ... فلفضله فالفضل في الحالين لَهْ (?)

وفي مرويات الشافعي عن أحمد لا يصرح باسمه، بل يقول: حدثني الثقة (?).

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015