ثم إنه يورد الفروع في مواضعها بسبك عجيب، وتأليف بارع، في وضوح عبارة، وسهولة أسلوب. فهو يُشبه إلى حدّ كبير كتاب "الإقناع" لتلميذه موسى الحجاوي.

ونلاحظ عند المقارنة مع "المقنع" أنه زاد عليه زيادات وافرة وتفصيلات مفيدة، حتى كأنه شرح له، فلا شك أنه استوعبه مع "التنقيح" وزاد عليهما، إلا أنه حذف ما رآه مستغنى عنه أو مرجوحًا، وفي جملة ذلك يقول:

ولا أحذف منهما إلا المستغنى عنه والمرجوح وما بني عليه، ولا أذكر قولاً غير ما قدم، أو صحح في "التنقيح" إلا إذا كان عليه العمل، أو شُهر، أو قوي الخلاف، فربما أشير إليه. وحيث قلت: قيل وقيل -ويندر ذلك- فلعدم الوقوف على تصحيح، وإن كان لواحد، فلإطلاق احتماليه (?).

أهمية الكتاب وقيمته:

يعتبر متن "منتهى الإرادات" كسَمِيِّه "الإقناع" خلاصة الفقه الحنبلي منذ القرن العاشر إلى الآن، في جمع الفروع وترتيبها، وتحريرها، وتصحيحها، وتجريدها من الخلاف.

وتظهر أهمية هذا المتن في مرآة التقاريظ التي كتبت عليه، بالإضافة إلى منزلة مصنفه في فقهاء الحنابلة، ثم بالجهود التي وضعت عليه.

فأما تقاريظ العلماء عليه فكثيرة، منها قول ابن بدران: هو كتاب مشهور، عمدة المتأخرين في المذهب، وعليه الفتوى فيما بينهم (?).

وقال ابن حُميد النجدي ثم المكي: وقد ألف مصنَّفَه المشهور المنعوت "منتهى الإرادات" حرر مسائله على الراجح من المذهب، فاشتغل به عامة طلبة الحنابلة في عصره، واقتصروا عليه، وقُرئ على والده مرات بحضرته، فأثنى على المؤلف، وشرحه المصنف شرحًا مفيدًا في ثلاث مجلدات، أحسن فيه ما شاء (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015