رابعًا: وضع "قواعد" عامة و"ضوابط" خاصة لفقه المذهب، وتنظيم فروعه، ليسهل على الطلاب والعلماء والمحققين معرفة القول الشاذ من المطرد، ورد كل حكم إلى قاعدته ما أمكن، وجمع النظير إلى النظير، وقرن الشبيه بالشبيه، وضبط ما يمكن ضبطه من المتشابهات في الباب الواحد بضابط عام، كما ظهرت إلى جانب ذلك جهود كثيرة في تحديد "الفروق" بين المسائل المتشابهة.

فبهذه الأعمال الجليلة دخل الفقه الحنبلي في طور جديد، وأصبح مُمكنًا بفضل فقه القواعد وفقه الضوابط وفقه النظريات وفقه الفروق (?).

خامسًا: استكمال البحث في أصول الفقه الحنبلي على غرار المذاهب الأخرى، لبيان القواعد العامة والخاصة في تفسير نصوص الكتاب والسنة، بالإضافة إلى طرق الإستنباط ومناهج الإجتهاد والفتوى، وييان المصادر التشريعية التبعية الأخرى، وتحديد موقف الحنابلة منها اعتبارًا وإلغاء، بالإضافة إلى طرق الترجيح عند التعارض بين الأدلة.

ولا ريب أن هذا الإستكمال في هذه الجوانب أمَدَّ فقهاء المذهب فيما بعد - فضلًا عن أصول فقه الأدلة والإستنباط، ومصادر التشريع- بعُدّة لا بأس بها طبقت على كيفية التصرف مع كلام المتقدمين، والموازنة بين المرويات من الأقوال والوجوه والإحتمالات، وغير ذلك.

سادسًا: إثراء المذهب بالصطلحات المختلفة التنوعة، كالإصطلاحات المفردة في ألفاظ الإمام أحمد، والإصطلاحات المختصة بالنقل والرواية، والإصطلاحات المختصة بالترجيح وطرقه، والإصطلاحات اللفظية الموضوعية في التعبير عن الأحكام، ومختلف أنواعها ودرجاتها.

وهذه المصطلحات كثرت وطغت على كتب المختصرات، ومصنفات المتأخرين، الذين عنوا بتصحيح المذهب، وتولد عند الحنابلة فقه خاص بالمصطلحات يسمى "لغة الفقهاء". ويعد ابن الجوزي (597 هـ) صاحب الفضل في السبق إلى التأليف في هذا الموضوع (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015