سمع من ابن علية، وأبي معاوية الضرير، وعلي بن عاصم، وإسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون. فهو من علية أصحاب الإمام أحمد بهذه المشاركة المباركة في شيوخه.

وكان عبد الملك الميموني عالم الرقة ومفتيها فى زمانه. وذكره الخلّال، فقال في وصفه: "الإمام في أصحاب أحمد، جليل القدر، كان سنة يوم مات دون المائة، فقيه البدن، كان أحمد يكرمه، ويفعل معه مالا يفعله مع غيره. وقال لي: صحبت أبا عبد الله على الملازمة من سنة (205 هـ) إلى سنة (227 هـ). قال: وكنت بعد ذلك أخرج وأقدم عليه الوقت بعد الوقت. قال: فكان أبو عبد الله يضرب لي مثَل ابن جريج في عطاء، من كثرة ما أسأله، ويقول لي: ما أصنع بأحد ما أصنع بك" (?).

وقوله: "فقيه البدن" اصطلاح وإن شائعًا آنذاك يستعمل في معنى "الفقه" بمعناه العهود عندنا، ففقيه البدن هو العالم بأحكام البدن، ليقع ذلك في مقابل "فقيه القلب"، و"فقيه النفس":

فالأول: من يتمتع بجودة القريحة وشدة الفهم والغوص على المعاني، سواء في فقه الأحكام أم في غيرها.

والثاني: من يتقن دقائق علم السلوك والتزكية.

ويفيدنا كلام الخلّال السابق: أن الميموني من أكثر اللازمين للإمام أحمد، وأن ملازمته قد طالت عقدين من الزمان، مع إلحاحه في الأسئلة والإستفتاء، فيكون ذلك قد أكسبه تفوقًا في المعرفة بمذهب الإمام أحمد وعلمه، وأن روايته للمسائل يُقَدَّر فيها أن تكون حافلة، كما يُقَدَّر فيها أن يكون فيها المرجوع عنه كثيرًا، فإن انقطاع اللازمة للإمام أحمد فيما بين (227 - 241 هـ) جدير بأن يفوِّت على الميموني كثيرًا مما رجع عنه الإمام أحمد وخالفه إلى غيره.

فهل هذه التوقعات صحيحة في واقع الأمر؟

فأما الكثرة، فنعم، فقد قال الخلّال في ذلك: "وعنده عن أبي عبد الله مسائل كثيرة، في ستة عشر جزءًا، منها جزءان كبيران بخط جليل، مائة ورقة إن شاء الله، أو نحو ذلك، لم يسمعه منه أحد غيري فيما علمت من مسائل لم يشركه فيها أحد، كبار جياد تجوز الحد في عظمتها وقدرها وجلالتها"!! (1).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015