بكل سخاء في مختلف أوجه الخير, فساد التراحم بينهم, واختفت صور العنف التي كانت تشاهد في المجتمعات الجاهلية الجشعة, ولم يفرض الله تعالى على الشخص في باب الهبات والصدقات -غير الزكاة- أي: إلزام, وإنما ترك الأمر لضمير المستطيع, ورغبته في اكتساب الثواب والثناء الحسن عند الله وعند الناس.

ومعلوم أن الإنسان بصفة عامة شحيح على المال, فإذا لم يكن وراء بذله لماله دافع قوي يرغّبه في ذلك, فإنه لا يمكن أن يسارع إلى ذلك, هذا هو الفارق بين المحسنين في الإسلام وملاك الأموال من غير المسلمين.

فإن غير المسلمين لا يمكن أن يبذل أحدهم أيّ مال مهما كانت قلته إلّا أن يكون له هدف إلى مقابل دنيوي, أو يكون في سبيل شهواته ومتعه الدنيوية؛ لأنه لا يؤمن بأنه وراء دفعه لماله الثواب الذي هو خير من المال, فلا يجد حافزًا يدفعه إلى الإنفاق, كما هو الحال عند المسلم الموقن بذلك.

المسألة السابعة: الوقف

ومجال التكافل في الإسلام واسع جدًّا؛ إذ يشتمل على الترغيب في جميع أنواع الخير, ومنه الصدقات الجارية كالوقف, وهو عمل خيري إذا كان مما تحصل به فائدة من مساكن أو أراضي زراعية أو حفر آبار ماء, أو أي شيء مما تسد به الحاجة, وصفته أن يحبس الأصل فلا يباع ولا يوهب ولا يرهن ولا يشمله الانتقال بالإرث بعد وفاة الواقف, ولا يباح الانتفاع به إلّا فيما أوقف من أجله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015