المبحث التاسع: حرب الأخلاق والقيم

ما الذي يُنْتَظر من ملاحدة حاربوا الله ورسوله, وداسوا كرامة الإنسان, ودنسوا كل الفضائل, وشوهوا تاريخ الإنسان؟ ما الذي ينتظر منهم تجاه الأخلاق والفضائل, لقد قام مذهبهم من أوّل يوم على عدم الالتزام بأية فضيلة خلقية مهما كانت, بل محاربتها على اعتبار أنها شريعة أخلاقية غير ثابتة؛ لأن كل القيم والأخلاق في عقيدتهم إنما هي نتاج لأوضاع اجتماعية اقتصادية عبر الأزمان لا ثبات لها, وأن الاخلاق في أساس نشأتها إنما هي ناتجة عن الطبقية، إمَّا تبريرًا لسلطة الطبقة الحاكمة وأصحاب الجاه، وإمَّا تمردًا على العقيدة والوضع القائم، وإمَّا استجلابًا لنفع الطبقات المضطهدة.

ويعود تاريخ الأخلاق وكل العادات الاجتماعية -كما قرروه- إلى الزمن الذي عاشه البدائيون, أو حياتهم في النظام المشاعي البدائي؛ حيث كانوا يرون أنَّ الملكية الفردية غير أخلاقية, ولكن بفعل التطور وسهولة الإنتاج أصبحت هذه القضية أمرًا لا حرج فيه, ولا يتعارض كذلك مع المصلحة العامة التي كانت سائدة في النظام المشاعي البدائي بحكم التطور, وحينما جاء نظام الرق ابتكر السادة أخلاقًا جديدة تتمثَّل في كل تصرفات الطبقات الراقية, فهي وحدها الأخلاق التي يجب السير عليها, بينما طبقة الأرقَّاء لا قيمة لأخلاقهم ولا لسلوكهم, بل هم ذيول لأسيادهم تابعين لهم, بل لم يكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015