وفي هذا الجواب قطع لكل طامع في معرفة سر الروح, وهذا بخلاف ما جاء في التوارة المحرَّفة التي تذكر أن الروح هي الدم, ولهذا يحرّم اليهود أكله1.

ولكن هذا التفسير باطل, ويكذبه الواقع, فلو كانت الروح هي الدم لأمكن تلافي الموت بكل بساطة, خصوصًا في عصرنا الحاضر الذي أمكن فيه نقل الدم من شخص إلى آخر في أسهل عملٍ وأتقنه.

وقد استقصى أخبار الروح الإمام العلامة ابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى- في كتاب الروح المنسوب إليه, فصَّل فيه تفصيلات كثيرة ليست من أهداف هذه الدراسة هنا, فذكر أن الأرواح تعرف زيارة الأحياء لهم, وتسلِّم على من يسلِّم عليهم في القبور, وتعرف كل ما يجري على الأحياء من أهلها, وأن التقلين ينفع الميت, وذكر قصصًا مناميَّة كثيرة, الله أعلم بصحتها, وأكثرها يبدو عليه الضعف وعدم قبول العقل لها, وذكر أن أرواح الأموات وأرواح الأحياء تتلاقى بقدرة الله تعالى حينما ينام الحي, وأن الأموات قد يرشدون الأحياء إلى أمور يجدونها فعلًا كما أخبرتهم به أرواح الموتى, وقد حصل هذا فعلًا لبعض الصحابة والصالحين, وهل تموت الروح أم البدن وحده؟ اختلف العلماء في هذا, وقد جمع بين ذلك الاختلاف بقوله: "والصواب أن يقال: موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها. فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت, وأن أريد أنها تنعدم وتحفل وتصير عدمًا محضًا فهي لا تموت بهذا الاعتبار"2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015