سيستقلون به وبتنفيذه, اللهمَّ إلّا بقدر ما يسد رمقهم, ويلهيهم عن طغيان السلطات المتقنعة بالمديمقراطية التي تتظاهر بأن الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه دون تدخُّل من أحد, وهو بالأصح يحكم من أصحاب النفوذ والجاه في كل صغيرة وكبيرة تحت ذلك الغطاء السميك الشرعية الشعبية المزعومة.

أما بالنسبة للبرلمانات المنتخبة عن طريق شعار الديمقراطية, فلا تسأل عن الحيل والخدع التي تجري سرًّا وجهرًا في أماكن الانتخابات, فمن المعروف أن النَّاس لا يذهبون إلّا إلى مَنْ عنده ذهب, كما قال أحد الشعراء:

رأيت الناس قد ذهبوا ... إلى من عنده ذهب

ومن لا عنده ذهب ... فعنه الناس قد ذهبوا

إذ يحتاج العضو الذي ينتخب إلى مال يتودَّد به إلى ناخبيه, وإلى إظهار بعض الإصلاحات التي سيفعلها في حال فوزه, ومتى لم يكن عنده مال انقشع الناس عنه وتناسوه؛ لأنَّ العامّة لا تنظر إلى الكفاءة الحقيقة من المعرفة والجرأة والنصح والإخلاص؛ لأنها غير منظورة, وإنما ينظرون إلى الإنجاز المادي المشاهد, فكم من شخص عنده من الكفاءة ولم ينتخب, بما لا يقارن به الكثير ممن تَمَّ انتخابهم.

وإذا كان المنتخبون من ذوي الجاه والثراء, فما الذي يشغل قلوبهم على عامَّة الشعب الفقراء والمساكين, وقد فقدوا مراقبة الله تعالى أولًا وأحسوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015