تنورتها من وراء السحاب ... وبي وله نحوها وانجذاب

فلاحت لعيني داراتها ... لآلىء منثورة في الشعاب

تألقن والليل وصف الدجى ... وأشرقن والصبح كث الضباب

نشاوى ترفرف أنفاسها ... بروح الصبا وعبير الشباب

تنام بأحضانها الأمنيات ... كنوم الجداول في حضن غاب

وأبهاء من وطني درة ... يفوق المدى قدرها والحساب

ترى الشمس في جوها لوحة ... وتحسبها صورة في كتاب

وتبدو الكواكب في أفقها ... على قاب قوسين من كل باب

تبرح فيها جمال السمال ... وألقى غلائله والنقاب

وباحت بأسرارها الكائنات ... فشف السنا وتجلى اللباب

كأنك فيها على ربوة ... من النجم أو رفرف من سحاب1

وجبل "فيفاء" متحف رائع يلهم السنوسي فنه، فهو مصدر الشعر ينفث لسانه سحرًا، وقلمه بيانًا، وخواطره فكرًا وعبرًا، ووجدانه خيالًا وانطلاقًا:

متحف من أشعة وظلال ... في إطار من نضرة واخضلال

سابح في الفضاء يغمره النور ... بفيض من السنا والجلال

مسرح الشعر والبيان ومسري ... لمحة الفكر وانطلاق الخيال2

ويقول في "أغنية فيفاء":

لست فيفا أنت جنة ... تلهم الشاعر فنه

إنه فوق بياني ... جل من أبدع فنه

كل شيء فيك حلو ... أنت يا فيفاء جنه3

رابعًا: المدح

شعر المدح عند السنوسي محدود، لم يستغرق كثيرًا من دواوينه، فقد سبق أن نوَّه النقاد بأن الشاعر لا يتكلف القول، ولا يقول ما لا يعتقد، ولا يمدح إلَّا من يستحق المدح، ولا يثني على أحد إلا بما هو أهل الثناء والتقدير، ولا يمدح إلَّا من يرى أنه أهل للمدح، وإذا مدح كان صادقًا في مدحه، قوي العاطفة في ثنائه وتقديره، في تجربة شعرية متدفقة قوية عميقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015