للمعاصرين هذا التسيب، وهم الآن يتذرَّعون بذلك، ولكن الحقيقة أن الفرق كبير، فالموشحات وسط بين القصيد العمودي وبين نظام المقطعات المعاصرة.

وهي أيضًا معبر سريع إلى العامية، والقضاء على الفصحة لغة القرآن الكريم، وإننا اليوم لنرى بعض الشعراء -شعراء التفعيلة- ينظمون نثرهم المشعور بالعامية لا بالفصحى، وهذا أخطر وأشد؛ لأنها حرب ضد الفصحى ولغة القرآن لا حرب ضد القصيد العمودي، ولا أدلَّ على ذلك من قول العسيري نفسه حينما اعتسف هذا المركب الوطيء، مما جعله يتورَّط في العامية والخطأ في الإعراب، وهو استعمال عامي في التعبير يقول:

للقدس الحزين

عشرون عام

القدس في خطر

عشرون عام

ثم يقول:

عشرون عام

والقدس في القيود

وعيشنا على الوعود1

كرر "عام" ثلاث مرات خطأ، والصواب عشرون عامًا، وهكذا يعترف العسيري بهذا في شعره فيقول:

ومصير الشر أن يقتات أهله

فاعتساف المركب الوطيء وهو شعر التفعيلة، يؤدي في النهاية إلى جعل العامية والخطأ في التعبير وهجر الفصحى مذهبًا شعريًّا حديثًا، لا قدر الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ، {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} .

صدق الله العظيم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015