المدونه (صفحة 2433)

ذَلِكَ لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ، وَأَمَّا مَا رَقَّ لَهُمْ مِنْهُ فَإِنَّهُمْ لَا يَتْبَعُونَهُ فِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ عَبْدًا لَهُمْ، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُطْعِمُوهُ وَيَكْسُوهُ بِقَدْرِ الَّذِي رَقَّ لَهُمْ وَهَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ فَتَعَلَّقَ بِعَبْدِي - وَالرَّجُلُ يُدْمِي - فَقَالَ: جَنَى عَلَيَّ عَبْدُكَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَأَتَاهُ قَوْمٌ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي عَبْدٍ كَانَ عَلَى بِرْذَوْنٍ رَاكِبًا فَوَطِئَ عَلَى غُلَامٍ فَقَطَعَ أُصْبُعَهُ، فَتَعَلَّقَ بِهِ الْغُلَامُ فَأَتَى عَلَى ذَلِكَ - وَالْغُلَامُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ - فَقِيلَ لِلْغُلَامِ: مَنْ فَعَلَ بِكَ؟ فَقَالَ: هَذَا وَطِئَنِي، وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَا كَانَ مِثْلَ هَذَا يُؤْتَى بِهِ وَهُوَ يُدْمِي وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَيُقِرُّ الْعَبْدُ عَلَى مِثْلِ هَذَا، فَأَرَاهُ فِي رَقَبَتِهِ يَدْفَعُهُ سَيِّدُهُ أَوْ يَفْتَدِيهِ. وَمَا كَانَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، مِثْلُ الْعَبْدِ يُخْبِرُ أَنَّهُ قَدْ جَنَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِقَتْلٍ عَمْدٍ، أَيَجُوزُ إقْرَارُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَرَادُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ فَذَلِكَ لَهُمْ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَسْتَحْيُوهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ حِينَ اسْتَحْيَوْهُ أَنْ يَكُونَ فَرَّ بِنَفْسِهِ إلَيْهِمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا فِي يَدَيَّ عَارِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ بِإِجَارَةٍ، جَنَى جِنَايَةً - وَمَوْلَاهُ غَائِبٌ - فَفَدَيْتُهُ مِنْ الْجِنَايَةِ ثُمَّ قَدِمَ مَوْلَاهُ؟ قَالَ: يُقَالُ لِمَوْلَاهُ: إنْ شِئْتَ فَادْفَعْ إلَيْهِ هَذَا جَمِيعَ مَا فَدَاهُ بِهِ وَخُذْ عَبْدَكَ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَسْلِمْهُ إلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْدِهِ ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهُ لَقِيلَ لَهُ هَذَا الْقَوْلُ وَهَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَ عَبْدِي رَجُلًا لَهُ وَلِيَّانِ، فَقُلْتُ: أَنَا أَفْدِي حِصَّةَ أَحَدِهِمَا وَأَدْفَعُ حِصَّةَ الْآخَرِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: أَرَى لَهُ أَنْ يَفْتَكَّ نَصِيبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَيُسْلِمَ نَصِيبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا لِي قَتَلَ رَجُلَيْنِ - وَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ - فَأَرَدْتُ أَنْ أَفْتَكَّ نِصْفَهُ بِدِيَةِ أَحَدِهِمَا وَأُسْلِمَ نِصْفَهُ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ إلَّا أَنْ تَفْتَكَّ جَمِيعَهُ بِالدِّيَتَيْنِ، أَوْ تُسْلِمَهُ لِأَنَّ وَارِثَ الدِّيَتَيْنِ جَمِيعًا وَاحِدٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا قَتَلَ قَتِيلًا أَوْ جَنَى جِنَايَةً، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِنْ كَانَتْ نَفْسًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ رَجَعَ رَقِيقًا وَقِيلَ لِلسَّيِّدِ ادْفَعْ أَوْ افْدِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ يَسْتَدِينُ دُيُونًا ثُمَّ يَعْجِزُ فَيَرْجِعُ رَقِيقًا؟ قَالَ: الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ حِينَ عَجَزَ، فَيَكُونُ الدَّيْنُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مِنْ هِبَةٍ وُهِبَتْ لَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ كَسْبِ يَدَيْهِ. فَإِنْ كَانَ مِنْ كَسْبِ يَدَيْهِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهُ مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالٍ إلَّا مَا كَانَ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَفَادَهُ الْمُكَاتَبُ بَعْدَمَا عَجَزَ، فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوهُ فِي دَيْنِهِمْ إلَّا مَا كَانَ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَكَسْبُ يَدِهِ إنَّمَا هِيَ إجَارَتُهُ وَعَمَلُهُ بِيَدِهِ فِي الْأَسْوَاقِ فِي الْخِيَاطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015