المدونه (صفحة 2422)

حِجْرِهِ، أَيَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ قُتِلَ وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ وَعَصَبَةٌ - وَالْقَتْلُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا - إنَّ لِلْعَصَبَةِ أَنْ يَقْتُلُوا إنْ أَحَبُّوا أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ وَيَعْفُوا. وَيَجُوزُ مَا صَنَعَتْ الْعَصَبَةُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَعْفُوا بِغَيْرِ دِيَةٍ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَيَجُوزُ مَا صَنَعَتْ الْعَصَبَةُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ عَفْوٍ عَلَى الدِّيَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّهُ إنْ تُرِكَ الدَّمُ حَتَّى يَكْبَرَ كَانَ فِي هَذَا تَلَفٌ لِحَقِّ هَذَا الصَّغِيرِ. قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ عَفَتِ الْعَصَبَةُ عَنْ الدَّمِ عَلَى غَيْرِ مَالٍ، لَمْ يَجُزْ عَفْوُهُمْ عَلَى الصَّغِيرِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ إنْ عَفَا الْأَبُ عَلَى مَالٍ، جَازَ عَفْوُهُ. وَإِنْ عَفَا عَلَى غَيْرِ مَالٍ لَمْ يَجُزْ.

قُلْتُ: فَإِنْ عَفَتِ الْعَصَبَةُ أَوْ الْأَبُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ، أَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا يَجُوزُ عَفْوُهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ لَهُ - عِنْدَ مَالِكٍ - الْعَفْوُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ، إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَكُونُ بِهَا مَلِيًّا يُعْرَفُ مِلَاؤُهُ، فَإِنْ عَفَا وَلَيْسَ بِمَلِيٍّ لَمْ يَجُزْ عَفْوُهُ. قَالَ: وَالْعَصَبَةُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ - أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ - أَرَادَ الْحَاضِرُ أَنْ يَقْتُلَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا لَهُ أَنْ يَعْفُوَ، فَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَلَى الْغَائِبِ. وَأَمَّا أَنْ يَقْتُلَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ.

قُلْتُ: أَيُحْبَسُ هَذَا الْقَاتِلُ حَتَّى يُقْدِمَ الْغَائِبُ وَلَا يُكَفَّلُ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ فِي دُونِ النَّفْسِ لَا كَفَالَةَ فِيهِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ بَيِّنَةً غَائِبَةً عَلَى الْعَفْوِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يَتَلَوَّمَ لَهُ السُّلْطَانُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْت مَنْ وَجَبَ لَهُمْ الْقَتْلُ إنْ قَتَلُوا قَبْلَ أَنْ يَنْتَهُوا إلَى السُّلْطَانِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُؤَدَّبُونَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ.

[الرَّجُلِ يَعْفُو عَنْ دَمِهِ وَلَا مَالَ لَهُ]

مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَعْفُو عَنْ دَمِهِ وَلَا مَالَ لَهُ

قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً - وَلَا مَالَ لَهُ - فَعَفَا الْمَقْتُولُ عَنْ الْعَاقِلَةِ وَأَوْصَى بِوَصَايَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ يُقْتَلُ خَطَأً: إنَّهُ إنْ عَفَا عَنْ دِيَتِهِ فَإِنَّمَا عَفْوُهُ فِي ثُلُثِهِ. فَأَرَى أَنْ يَكُونَ لِلْعَاقِلَةِ وَلِأَهْلِ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ يَتَحَاصُّونَ فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا ذَكَرْتُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، إنَّ الَّذِي يَجِبُ لَهُ الدَّمُ إذَا عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ إنَّ ذَلِكَ لَهُ. أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْقَاتِلُ لَا أُعْطِيكَ الدِّيَةَ، وَلَكِنْ هَا أَنَا ذَا إنْ شِئْتَ فَاقْتُلْنِي وَإِنْ شِئْتَ فَاتْرُكْ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ الدِّيَةَ إلَّا أَنْ يَرْضَى.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَأَوْضَحَهُ مُوضِحَتَيْنِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَهُ عَقْلُ مُوضِحَتَيْنِ.

قُلْتُ: فَإِنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَأَوْضَحَهُ مَنْ قَرْنِهِ إلَى قَرْنِهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هِيَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ شَاهِدًا شَهِدَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ ضَرَبَ فُلَانًا حَتَّى قَتَلَهُ، أَيَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا؟ قَالَ: نَعَمْ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا.

قُلْتُ: فَإِنْ شَهِدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015