المدونه (صفحة 2060)

أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ فَذَلِكَ لَهُ، فَمَسْأَلَتُكَ فِي الْقِسْمَةِ فِي الْعَبْدَيْنِ عِنْدِي تُشْبِهُ الدُّورَ وَلَا تُشْبِهُ الْعَبِيدَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ لَهُ فِي كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُهُ، فَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْوَطْءِ إنْ كَانَتَا جَارِيَتَيْنِ وَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْ أَنْ يُسَافِرَ بِهِمَا إنْ كَانَا عَبْدَيْنِ، فَلَمَّا قَاسَمَ صَاحِبَهُ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ عَبْدِهِ بِنِصْفِ صَاحِبِهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ نِصْفِ صَاحِبِهِ رُبُعُهُ؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ نِصْفَ صَاحِبِهِ كُلَّهُ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ الرُّبُعِ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْهُ فِي الْعَبْدِ الَّذِي صَارَ لِصَاحِبِهِ إنْ كَانَ لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِرُبُعِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي صَارَ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالْفَوْتُ فِي الْعَبِيدِ فِي مِثْلِ هَذَا: النَّمَاءُ وَالنُّقْصَانُ وَالْبَيْعُ وَاخْتِلَافُ الْأَسْوَاقِ، أَوَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي السِّلَعَ فَيَجِدُ بِبَعْضِهَا عَيْبًا أَوْ يُسْتَحَقُّ مِنْهَا الشَّيْءُ.

قَالَ: إنْ كَانَ الَّذِي وَجَدَ بِهِ عَيْبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ لَيْسَ هُوَ جُلَّ ذَلِكَ وَلَا كَثْرَتَهُ وَلَا مِنْ أَجَلِهِ اشْتَرَى؛ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ فِيمَا بَقِيَ. فَكَذَلِكَ هَذَا الْعَبْدُ، لَيْسَ الرُّبُعُ جُلَّ مَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَلَا فِيهِ طَلَبُ الْفَضْلِ، فَلَمَّا قَالَ مَالِكٌ هَذَا فِي هَذَا، وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ كُلَّهُ مِنْ رَجُلٍ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَلِأَنَّ لَهُ فِي الْجَارِيَةِ أَنْ يَطَأَهَا إذَا اشْتَرَاهَا، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا الْقَلِيلُ رَدَّهَا إنْ أَحَبَّ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حُجَّةٌ أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْوَطْءِ وَالْأَسْعَارِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، وَأَمَّا الَّذِي قَاسَمَ صَاحِبَهُ فَأَخَذَ فِي نِصْفِ عَبْدِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ نِصْفَ عَبْدِ صَاحِبِهِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ شَرِيكًا فَاسْتُحِقَّ الرُّبُعُ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مِنْ حَظِّ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَالْجَارِيَةَ إنَّمَا يَرُدُّهُمَا فِي هَذَا إلَى الْحَالِ الْأُولَى، وَقَدْ كَانَ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فِي الْحَالِ الْأُولَى قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُسَافِرَ بِهِمَا وَلَا يَطَأَ الْجَارِيَةَ. فَالْعَبِيدُ إذَا كَانُوا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَاقْتَسَمُوهُمْ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ بَعْضِهِمْ بَعْضُ مَا فِي يَدَيْهِ، إنَّمَا يُحْمَلُونَ مَحْمَلَ السِّلَعِ وَالدُّورِ إذَا اُشْتُرِيَتْ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ كَثِيرًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ، وَإِنْ كَانَ تَافِهًا يَسِيرًا لَا قَدْرَ لَهُ لَمْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ بِمَا يُصِيبُهُ عَلَى قَدْرِ مَا فَسَّرْتُ لَكَ، وَهَذَا فِي الْقِسْمَةِ فِي الْعَبِيدِ كَذَلِكَ سَوَاءٌ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَهُمَا فِي الْقِيمَةِ سَوَاءٌ لَا تَفَاضُلَ بَيْنَهُمَا فَاسْتُحِقَّ مِنْهُمَا وَاحِدٌ لَمْ يَرُدَّ الثَّانِي مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ أَحَدَهُمَا لِصَاحِبِهِ، فَكَذَلِكَ النِّصْفُ حِينَ اشْتَرَى لَمْ يَشْتَرِ الرُّبُعَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ لِلرُّبُعِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ، فَيَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ يَرُدُّهُ بِهَا أَوْ يَقُولُ كُنْتُ أُسَافِرُ بِالْعَبْدِ أَوْ أَطَأُ الْجَارِيَةَ فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مَعِي شَرِيكٌ فَتَكُونُ لَهُ حُجَّةٌ، فَلَمَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَلَا فِي هَذَا الْوَجْهِ الْآخَرِ حُجَّةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015