المدونه (صفحة 1923)

بِقِيمَتِهَا رَهْنًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيَّ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَتَك بِالدَّيْنِ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْمُرْهُ بِالدَّيْنِ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ فِي الدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِدَيْنٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّيْنِ، فَبَاعَ وَأَخَذَ رَهْنًا أَيَجُوزُ ذَلِكَ الرَّهْنُ عَلَى الْآمِرِ أَمْ لَا؟

قَالَ: الْآمِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ ذَلِكَ وَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ إنْ تَلِفَ، وَإِلَّا رَدَّ الرَّهْنَ إلَى رَبِّهِ وَلَا يَلْزَمُهُ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ. وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ الْآمِرُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَلَا يُقَاصُّ الْمَأْمُورُ الْآمِرَ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي.

[فِيمَنْ ارْتَهَنَ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَالِجَهُ حَتَّى يَصِيرَ خَلًّا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ ارْتَهَنَ رَجُلٌ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا، كَيْفَ يَصْنَعُ؟

قَالَ: يَرْفَعُهَا إلَى السُّلْطَانِ فَيَأْمُرُ السُّلْطَانُ بِهَا فَتُهْرَاقُ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُوصِي إلَى الرَّجُلِ فَتَكُونُ فِي تَرِكَتِهِ خَمْرٌ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُهْرِيقَهَا الْوَصِيُّ. وَلَا يُهْرِيقُهَا إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُتَعَقَّبَ بِأَمْرِ مَنْ يَأْتِي بِطَلَبِهِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا مَلَكَ الْمُسْلِمُ خَمْرًا أُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُتْرَكْ أَنْ يُخَلِّلَهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ أَصْلَحَهَا فَصَارَتْ خَلًّا؟

قَالَ: قَدْ أَسَاءَ وَيَأْكُلُهُ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

[فِيمَنْ رَهَنَ جُلُودَ السِّبَاعِ وَالْمَيْتَةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ جُلُودَ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَتْ، أَوْ جُلُودَ السِّبَاعِ إذَا كَانَتْ ذَكِيَّةً، أَيَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهَا الرَّجُلُ؟

قَالَ: أَمَّا جُلُودُ الْمَيْتَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهَا الرَّجُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ دُبِغَتْ. وَأَمَّا جُلُودُ السِّبَاعِ إذَا كَانَتْ ذَكِيَّةً فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا عِنْدَ مَالِكٍ، فَأَرَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَهْنِهَا.

قُلْتُ: إذَا كَانَتْ جُلُودُ السِّبَاعِ ذَكِيَّةً؛ جَازَ الْبَيْعُ فِيهَا وَالرَّهْنُ دُبِغَتْ أَوْ لَمْ تُدْبَغْ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الصَّلَاةِ بِهَا، وَالْبَيْعُ وَالرَّهْنُ عِنْدِي مِثْلُ ذَلِكَ.

قُلْتُ: لِمَ لَا تُجِيزُ جُلُودَ الْمَيْتَةِ فِي الرَّهْنِ وَإِنْ كُنْتَ لَا تُجِيزُ بَيْعَهَا، بِمَنْزِلَةِ مَا أَجَزْتَ فِي الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَالثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فِي الرَّهْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَمَالِكٌ لَا يُجِيزُ هَذَا فِي الْبَيْعِ؟ وَمَا فَرْقٌ بَيْنَ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَهَذَا؟

قَالَ: لِأَنَّ الثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ قَدْ يَحِلُّ بَيْعُهُمَا يَوْمًا مَا إذَا أَزْهَتْ، وَجُلُودُ الْمَيْتَةِ لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015