المدونه (صفحة 1798)

وَقَالَ لِي ابْنُ حَازِمٍ: وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُ هَذَا، أَنَّهُ إذَا نَكَلَ الْمَطْلُوبُ عَنْ الْيَمِينِ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الطَّالِبِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ، وَنَكَلَ الْمُدَّعِي أَيْضًا عَنْ الْيَمِينِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَبْطُلُ حَقَّهُ إذَا أَبَى أَنْ يَحْلِفَ. قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَإِنَّ شُرَيْحًا رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالشَّعْبِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ.

[فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ ثُمَّ تَقُومُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَيْت قِبَلَ رَجُلٍ حَقًّا، فَاسْتَحْلَفْتُهُ ثُمَّ حَلَفَ فَأَصَبْتُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ، أَيَكُونُ لِي أَنْ آخُذَ حَقِّي فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهُ إذَا كَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِبَيِّنَتِهِ.

قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا اسْتَحْلَفَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِبَيِّنَتِهِ تَارِكًا لَهُ فَلَا حَقَّ لَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الطَّالِبِ غَيْبًا بِبَلَدٍ آخَرَ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْمَطْلُوبَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِبَلَدٍ آخَرَ فَاسْتَحْلَفَهُ، ثُمَّ قَدَّمْتُ بَيِّنَةً، أَيُقْضَى لَهُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَتُرَدُّ يَمِينُ الْمَطْلُوبِ الَّذِي حَلَفَ بِهَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، إلَّا أَنِّي أَرَى إذَا كَانَ عَارِفًا بِبَيِّنَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْهُ، فَرَضِيَ بِالْيَمِينِ مِنْ الْمَطْلُوبِ تَارِكًا لِبَيِّنَتِهِ، لَمْ أَرَ لَهُ حَقًّا وَإِنْ قَدَّمْتُ لَهُ بَيِّنَةً.

قُلْتُ: وَمَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ تَارِكًا لِبَيِّنَتِهِ؟ أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ فَأَحْلِفْهُ لِي، فَإِنْ حَلَفَ وَقَدَّمْت بَيِّنَتِي فَأَنَا عَلَى حَقِّي وَلَسْت بِتَارِكٍ حَقِّي لِبَيِّنَتِي؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنِّي أَرَى لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ ادَّعَى بَيِّنَةً بَعِيدَةً وَخَافَ عَلَى الْغَرِيمِ أَنْ يَذْهَبَ أَوْ يَتَطَاوَلَ ذَلِكَ، رَأَيْتُ أَنْ يُحَلِّفَهُ لَهُ وَيَكُونُ عَلَى حَقِّهِ إذَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بِبِلَادٍ قَرِيبَةٍ، فَلَا أَرَى أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لَهُ إذَا كَانَتْ بَيِّنَتُهُ قَرِيبَةً، الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَيُقَالُ لَهُ: قَرِّبْ بَيِّنَتَكَ وَإِلَّا فَاسْتَحْلِفْهُ عَلَى تَرْكِ الْبَيِّنَةِ.

ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: إذَا حَلَّفْتُهُ فَلَيْسَ لَكَ شَيْءٌ.

[فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي قِبَلَ الرَّجُلِ الْكَفَالَةَ لَا خُلْطَةَ بَيْنَهُمَا أَتَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَمْ لَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَدَّعِي قِبَلَ الرَّجُلِ بِكَفَالَةٍ، وَلَا خُلْطَةَ بَيْنَهُمَا، أَيَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلَيْنِ ابْتَاعَا مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً، فَقَضَى أَحَدُهُمَا نِصْفَ الْحَقِّ حِصَّتَهُ، ثُمَّ لَقِيَ الْآخَرَ، فَقَالَ لَهُ: اقْضِنِي مَا عَلَيْكَ وَأَرَادَ سَفَرًا فَقَالَ: قَدْ دَفَعْتُهُ إلَى فُلَانٍ، لِصَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَى مَعَهُ السِّلْعَةَ، ثُمَّ مَضَى الرَّجُلُ إلَى سَفَرِهِ، ثُمَّ لَقِيَ الطَّالِبُ صَاحِبَهُ الَّذِي اشْتَرَى مَعَ الذَّاهِبِ، فَقَالَ لَهُ: ادْفَعْ إلَيَّ مَا دَفَعَ إلَيْكَ فُلَانٌ فَقَالَ مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015