المدونه (صفحة 1612)

جَعَلَهُ تَبَعًا أَمْ لَا؟

قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى ذَلِكَ، وَلَقَدْ وَقَفْتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَبَى أَنْ يَحُدَّ لِي فِيهِ الثُّلُثَ، وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ أَبَى أَنْ يَحُدَّ فِيهِ الثُّلُثَ.

قُلْتُ: وَكَيْفَ يَعْرِفُ أَنَّ هَذِهِ الثَّمَرَةَ الَّتِي تَكُونُ فِي رُءُوسِ هَذِهِ النَّخْلَةِ الثُّلُثُ، وَالْكِرَاءَ الثُّلُثَانِ، وَلَيْسَ فِي النَّخْلِ يَوْمَ اكْتَرَى ثَمَرَةٌ؟

قَالَ: يُقَالُ: مَا قَدْرُ ثَمَنِ ثَمَرَةِ هَذِهِ النَّخْلِ، وَمَا قَدْ عُرِفَ فِي كُلِّ عَامٍ بَعْدَ عَمَلِهَا وَمُؤْنَتِهَا إنْ كَانَ فِيهَا عَمَلٌ، وَمَا كِرَاءُ هَذِهِ الدَّارِ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ ثَمَرَةِ هَذِهِ النَّخْلِ، فَإِنْ كَانَ كِرَاءُ الدَّارِ هُوَ الْأَكْثَرَ.

وَثَمَنُ ثَمَرَةِ النَّخْلِ بَعْدَ مُؤْنَتِهَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ - جَازَ ذَلِكَ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ: أَنَّهُ مِثْلُ الْمُسَاقَاةِ إذَا كَانَ مَعَهَا الْبَيَاضُ، إذَا كَانَ الْبَيَاضُ الثُّلُثَ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى ثَمَنِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ فِيمَا قَدْ عُرِفَ مِنْ بَيْعِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ أَعْوَامِهِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَيْهِ مَا يُنْفَقُ فِيهِ فَيُطْرَحُ مِنْ ثَمَنِ الثَّمَرَةِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ مَا أُخْرِجَتْ قِيمَةُ الْمُؤْنَةِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ كَمْ تُسَاوِي الْيَوْمَ لَوْ أُكْرِيَتْ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ الثُّلُثَ مِنْ ثَمَنِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الَّتِي أُخْرِجَتْ مِنْ نَفَقَةِ السَّقْيِ فِي النَّخْلِ وَالْمُؤْنَةِ جَازَ ذَلِكَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى ثَمَنِ الثَّمَرَةِ إذَا بِيعَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْسِبَ قِيمَةَ مُؤْنَتِهَا؛ لِأَنَّ النَّخْلَ قَدْ تُبَاعُ ثَمَرَتُهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ، وَيَكُونُ مُؤْنَتُهَا فِي عَمَلِهَا وَسَقْيِهَا مِائَةً، وَيَكُونُ كِرَاءُ الْأَرْضِ خَمْسِينَ وَمِائَةً، فَلَوْ لَمْ تُحْسَبْ مُؤْنَةُ النَّخْلِ وَمُؤْنَةُ سَقْيِهَا جَازَتْ فِيهَا الْمُسَاقَاةُ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ الدَّاخِلُ إلَى مَا يَبْقَى بَعْدَ النَّفَقَةِ، وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت دَارًا وَفِيهَا نَخْلٌ يَسِيرَةٌ فَاشْتَرَطْتُ نِصْفَ ثَمَرَةِ هَذِهِ النَّخْلِ، وَالنِّصْفُ لِرَبِّ الدَّارِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ هَذَا أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ تَبَعًا لِلدَّارِ أَوْ تُلْغَى، فَأَمَّا إذَا اشْتَرَطَ نِصْفَ الثَّمَرَةِ الْمُتَكَارِي فَهَذَا كَأَنَّهُ اشْتَرَى نِصْفَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَاكْتَرَى الدَّارَ بِكَذَا وَكَذَا. قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: هُوَ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى يَبِيعُهُ الرَّجُلُ بِالْفِضَّةِ وَفِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ الثُّلُثُ فَأَدْنَى فَبَاعَهُ السَّيْفَ وَاشْتَرَطَ الْبَائِعُ نِصْفَ فِضَّةِ السَّيْفِ؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَلْغَى الْفِضَّةَ وَكَانَ تَبَعًا لِلنَّصْلِ، فَإِذَا لَمْ يُلْغِ جَمِيعَهُ فَقَدْ صَارَ بَيْعَ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَكَذَلِكَ الْخَاتَمُ وَكُلُّ شَيْءٍ فِيهِ الْحُلِيُّ هُوَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مِمَّا يَجُوزُ لِلنَّاسِ اتِّخَاذُهُ.

وَالنَّخْلُ إذَا أَخَذْتهَا مُسَاقَاةً وَفِيهَا بَيَاضٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَا مَا خَرَجَ مِنْ الْبَيَاضِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ كُلُّهُ مِنْ عِنْدِ الدَّاخِلِ فِي الْحَائِطِ وَالنَّخَلَاتُ تَكُونُ فِي الدَّارِ إذَا اكْتَرَاهَا الرَّجُلُ وَاشْتَرَطَ نِصْفَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015