المدونه (صفحة 1372)

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ الْمُقَارِضَ يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ قِرَاضًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ نَسِيئَةً، فَكَذَلِكَ الْمُوكَلُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلَنِي أَبِيعُ سِلْعَةً فَبِعْتُهَا بِعَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ لَا تُبَاعُ إلَّا بِدَنَانِيرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلَنِي أَبِيعُ السِّلْعَةَ لَهُ فَبِعْتُهَا مِنْ رَجُلٍ فَجَحَدَنِي الثَّمَنَ وَلَا بَيِّنَةَ لِي عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ أَأَضْمَنُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ أَنْتَ ضَامِنٌ لِأَنَّكَ أَتْلَفْتَ الثَّمَنَ حِينَ لَمْ تُشْهِدْ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْكَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْبِضَاعَةِ: تُبْعَثُ مَعَ الرَّجُلِ فَيَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهَا وَيُنْكِرُ الْمَبْعُوثَ إلَيْهِ أَنَّهُ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يَشْتَرِي لِي جَارِيَةً فَاشْتَرَاهَا لِي عَمْيَاءَ أَوْ عَوْرَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مِنْ الْعُيُوبِ عُيُوبٌ يُجْتَرَأُ عَلَى مِثْلِهَا فِي خِفَّتِهَا وَشِرَاؤُهَا فُرْصَةٌ، فَإِذَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ رَأَيْتُهُ جَائِزًا، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ عَيْبٍ مُفْسِدٍ فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فَإِنْ أَبَى فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ مَالَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يَشْتَرِي لِي أَمَةً فَاشْتَرَى لِي ابْنَتِي أَوْ أُخْتِي أَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيَّ؟ قَالَ: إنْ كَانَ عَلِمَ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَيْكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يَشْتَرِي لِي سِلْعَةً أَوْ يَبِيعُ لِي سِلْعَةً فَاشْتَرَى لِي أَوْ بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَيَجُوزُ عَلَيَّ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْكَ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَهُ رَجُلٌ أَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً فَبَاعَهَا بِمَا لَا يَعْرِفُ مَنْ الثَّمَنِ ضَمِنَ عِنْدَ مَالِكٍ مِثْلُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْجَارِيَةَ يَبِيعَهَا وَلَا يُسَمِّي لَهُ ثَمَنًا فَيَبِيعُهَا بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ ذَاتُ ثَمَنٍ كَثِيرٍ فَلَا يَجُوزُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أُدْرِكَتْ الْجَارِيَةُ نَقْضَ الْبَيْعِ وَرُدَّتْ فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْبَائِعُ قِيمَتَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت وَكِيلًا يَشْتَرِي لِي سِلْعَةً بِعَيْنِهَا فَذَهَبَ فَاشْتَرَى السِّلْعَةَ وَهِيَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ وَيَلْزَمُ الْمَأْمُورُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ الْآمِرُ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ إلَّا فِي مِثْلِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَذَلِكَ يَلْزَمُ الْآمِرَ وَلَا يَلْزَمُ الْمَأْمُورَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَأْمُرُ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً فَيَبِيعُهَا؟ .

قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُ الْبَيْعُ الْآمِرَ إلَّا أَنْ يَبِيعَهَا الْمَأْمُورُ بِمَا لَا يُشْبِهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ إنْ كَانَتْ لَمْ تَفُتْ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ ضَمِنَ الْمَأْمُورُ قِيمَةَ تِلْكَ السِّلْعَةِ لِلْآمِرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015