قلت: وقال القرافي في قواعده: أقمت نحو ثماني سنين أطلب الفرق بين الشهادة والرواية، وأسأل الفضلاء عنه، وتحقيق ماهية كل واحدة منهما، فيقولان: الشهادة؛ يشترطون فيها العدد والذكورية والحرية بخلاف الرواية، فأقول لهم: اشتراط ذلك فرع تصورها، وتمييزها عن الرواية، فلو عرفت بآثارها وأحكامها التي لا تعرف إلا بعد معرفتها؛ لزم الدور وإذا وقعت حادثة غير منصوصة من أين لنا أنها شهادة، فيشترط فيها شروطها أو رواية؛ فلا يشترط فيها ذلك، وإجراء العلماء الخلاف في قبول خبر الواحد في رؤية هلال رمضان على كونه رواية أو شهادة، وفي خبر الواحد بعدد ما صلى إمامه على ذلك لا يتصور مع جهل حقيقتها؛ وإنما يتصور ذلك مع إدراك حقيقة كل منهما، ولم أزل كذلك في شدة قلق حتى طالعت شرح البرهان للمارزي رضي الله عنه، فوجدته حقق المسألة، وميز بين الأمرين من حيث هما، واتجه تخريج الفروع اتجاهًا حسنًا، وظهر أي سببين أقوى، وأي القولين أرجح، وأمكننا إذا وجدنا خلافًا لم يذكر سببه أن يخرج على وجود السببين فيه إن وجدناهما، ونشترط ما نشترطه، ونسقط ما نسقطه، وكنا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015