الفصل الأول: فيما تجب فيه الشفعة وما لا تجب

قال أصحابنا رحمهم الله: الشفعة لا تجب في منقولات مقصودة، وإنما تجب تبعاً للعقار على ما يأتي بيانه في آخر هذا الفصل، وإنما تجب مقصوداً في العقارات كالدور والكرم وغيرها من الأراضي مما يحتمل القسمة كالحمام والرحى والبئر وغير ذلك، وإنما تجب في الأراضي التي يملك رقابها حتى أن الأراضي التي حازها الإمام لبيت المال ويدفع إلى الناس مزارعة فصار لهم فيها كراء دار كالبناء والأشجار والكنس إذا كنسوها بتراب نقلوها من موضع يملكوها، فإن بيعت هذه الأراضي فبيعها باطل، وإن بيع الكر دار وكان معلوماً يجوز بيعها، ولكن لا شفعة، وكذا الأراضي ... ؟ إذا كانت الأكرة يزرعونها فبيعها لا يجوز، وبيع الكراء إذا كان معلوماً يجوز، ولكن لا شفعة فيها.

في «أدب القاضي» : للخصاف في باب الشفعة: وإنما يجب بحق الملك حتى لو بيعت دار بجنب دار الوقف، فلا شفعة للوقف، ولا يأخذها المتولي.

في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: وكذلك إذا كانت هذه الدار وقفاً على رجل لا يكون للموقوف عليه حق الشفعة بسبب هذه الدار لما قلنا.

في «فتاوى (أهل) سمرقند» : وإنما يجب إذا ملك العقار بعوض هو عين مال إذا ملك بغير عوض أصلاً بأن ملك بالهبة بغير عوض أو بالإرث أو بالصدقة فلا شفعة.

وكذلك إذا ملك بعوض هو ليس بعين مال، كما إذا جعل الدار مهراً في النكاح أو أجرة في باب الإجارة أو بدل خلع أو صلح عن دم العمد فلا شفعة؛ وهذا لأن حق الشفعة بخلاف القياس؛ لأن في الأخذ بالشفعة تملك مال الغير بغير رضاه عرف بالنص في البيع، والملك بالبيع ثبت بعوض هو عين مال، فما وقع الملك فيه بغير عوض أو بعوض ليس هو عين مال يبقى على أصل القياس.

وإذا تزوج امرأة بغير مهر وفرض لها داره مهراً أو قال لها: صالحتك على أن أجعلها لك مهراً، أو قال: أعطيتك هذه الدار مهراً، فلا شفعة للشفيع فيها في الفصول كلها.

فرق (بين) هذا وبينما إذا قال لها: صالحتك من مهرك على هذه الدار، أو قال: مما وجب لك من المهر.

والفرق: أن في الفصول الثلاث جعل الدار مهراً ابتداء لا بدلاً عن المهر، فإنه قال: فرضتك داري هذه مهراً جعلت لك داري هذه مهراً ولم يقل: جعلت لك داري بدلاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015