المحلي بالاثار (صفحة 4399)

فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مَأْمُونَةً فِي دِينِهَا وَالْأَبُ كَذَلِكَ: فَهِيَ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ الْجَدَّةُ كَالْأُمِّ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً - لَا الْأُمُّ، وَلَا الْجَدَّةُ فِي دِينِهَا - أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَ مَأْمُونٍ فِي دِينِهِ، وَكَانَ الْأَبُ مَأْمُونًا: فَالْأَبُ أَوْلَى، ثُمَّ الْجَدُّ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا مَأْمُونًا فِي دِينِهِ، وَكَانَ لِلصَّغِيرِ أَوْ الصَّغِيرَةِ أَخٌ مَأْمُونٌ فِي دِينِهِ، أَوْ أُخْتٌ مَأْمُونَةٌ فِي دِينِهَا: فَالْمَأْمُونُ أَوْلَى، وَهَكَذَا فِي الْأَقَارِبِ بَعْدَ الْإِخْوَةِ.

فَإِنْ كَانَ اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ، أَوْ الْأَقَارِبِ مَأْمُونَيْنِ فِي دِينِهِمَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي ذَلِكَ.

فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَحْوَطَ لِلصَّغِيرِ فِي دُنْيَاهُ: فَهُوَ أَوْلَى، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَحْوَطَ فِي دِينِهِ وَالْآخَرُ أَحْوَطَ فِي دُنْيَاهُ: فَالْحَضَانَةُ لِذِي الدِّينِ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ.

وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} [الحديد: 20] .

وَتَفْسِيرُ الْحِيَاطَةِ فِي الدُّنْيَا -: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ أَشَدَّ رَفَاهِيَةً فِي عَيْشِهِ، وَمَطْعَمِهِ وَمَلْبَسِهِ، وَمَرْقَدِهِ وَخِدْمَتِهِ، وَبِرِّهِ وَإِكْرَامِهِ، وَالِاهْتِبَالِ بِهِ - فَهَذَا فِيهِ إحْسَانٌ إلَى الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، فَوَاجِبٌ أَنْ يُرَاعَى بَعْدَ الدِّينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36] .

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: اخْتَصَمَ خَالٌ وَعَمٌّ إلَى شُرَيْحٍ فِي صَبِيٍّ فَقَضَى بِهِ لِلْعَمِّ، فَقَالَ الْخَالُ: لَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِي؟ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ شُرَيْحٌ - وَهَذَا نَصُّ قَوْلِنَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ اسْتَوَوْا الْأَخَوَاتُ أَوْ الْإِخْوَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ، أَوْ الْأَقَارِبُ، فَإِنْ تَرَاضَوْا فِي أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ أَوْ الصَّغِيرَةُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُدَّةً فَذَلِكَ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الصَّغِيرِ أَوْ الصَّغِيرَةِ: فَإِنْ كَانَ تَقَدَّمَ كَوْنُهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ لَمْ يَزُلْ عَنْ يَدِهِ،، فَإِنْ أَبَوْا فَالْقُرْعَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا - إنَّ الْأَمَةَ وَالْحُرَّةَ سَوَاءٌ - فَلِأَنَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ لَمْ يَأْتِ فِي أَحَدِهِمَا نَصٌّ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فَالْحُكْمُ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015