هذه التأويلات لأنها تذهب اتصال المعنى وقد ذكر ذلك محمد بن كعب القرظي لعون بن عبد اللَّه) اهـ.

وقال القرطبي بعد سياق الأقوال: (إلا أن القول الثامن هو سبب نزول الآية ثم ساق الحديث وقال بعده، وروي عن أبي الجوزاء ولم يذكر ابن عبَّاسٍ وهو أصح) اهـ.

وقال ابن كثير بعد سياق الحديث: (وهذا الحديث فيه نكارة شديدة ... إلى أن قال: فالظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء فقط ليس فيه لابن عبَّاسٍ ذكر) اهـ.

وقال ابن عاشور: (وقد تقدم في طالع تفسير هذه السورة الخبر الذي أخرجه الترمذي في جامعه من طريق نوح بن قيس ومن طريق جعفر بن سليمان في سبب نزول هذه الآية وهو خبر واهٍ لا يلاقي انتظام هذه الآيات، ولا يكون إلا من التفاسير الضعيفة) اهـ.

وبهذه النصوص المتقدمة يتبين لك أن العلماء حيال هذا السبب طائفتان: طائفة قد أنكرته وضعفته، وطائفة قد رأته ممكنًا، وهذا - واللَّه - لا يمكن أن يصح إذ كيف يُظن ببعض أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا الظن السيء مع ما لهم من المنزلة والإحسان والرفعة والإيمان والسابقة التي لا يلحقهم بها أحد أن يفعلوا هذا الفعل وهم قائمون بين يدي اللَّه وراكعون وساجدون.

إن رجلاً من أهل هذا الزمان لو قيل لك: إنه يفعل ذلك في صلاته لاقشعر جلدك ولم تكد تصدق حتى ترى هذا منه بأم عينيك، فكيف يصدق مثله في أشرف صحب وأطهر قوم، والحجة فيه كلام عجيب منتهاه أبو الجوزاء.

وبناءً على ما تقدم فإني أقول: إن الحديث المذكور ليس سببًا لنزول الآية الكريمة لما يلي:

1 - ضعف إسناده فمداره على عمرو بن مالك النكري، لم يوثقه أحد من ذوي الشأن باستثناء ابن حبان، ومع تساهله في التوثيق فقد قال عنه: يخطئ ويغرب.

2 - سياق الآيات ليس بينه وبين الحديث صلة وقد أشار الطبري في بداية حديثه إلى المقصود بالآية ومثله ابن عطية وابن عاشور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015