وارْتَقنتْ بالزَّعفرانِ تَنْقُطهْ ... يشرقُ منها جيدُها ومعلَطُهْ

وقال الأعشى:

مُبتلَّةُ الخلقِ مثلُ المها ... ةِ لم ترَ شمساً ولا زمهريرا

وتبردُ بردَ رِداء العرو ... سِ بالصَّيفِ رقرقتَ فيه العبيرا

الراجز:

قد كنتُ حذَّرتكِ نَقطَ العصفر ... في اللَّيل حتَّى تُصبحي وتُبصري

إنِّي زعيمٌ لكِ أن تزَحَّري ... بحائلِ اللونِ قبيحِ المنظرِ

أنشد ثعلب في الأبيات:

قد بكَرَ المركوَّ ساقٍ يُفعمُهْ ... مختلطٌ عشرِقُه وكُرْكُمهْ وريحُه تدعو على مَن يظلِمهْ

وأنشد الأصمعي:

يظلُّ يومَ وردِها مزعفرا ... وهي خَناطيلُ تجوسُ الخُضَرا

وأنشد:

قد علِمتْ إنْ لم أجدْ مُعينا ... لأخلطنَّ بالخَلوقِ الطِّينا

وعلى ذكر الخَلوق قول البحتري عجيب فيه:

أرجْنَ عليَّ اللَّيلَ وهو مُمسَّكٌ ... وصبَّحنا بالصُّبحِ وهو مُخلَّقُ

والقابية التي تجني الزعفران. وقد قبت تقبو قبواً.

أنشد ثعلب:

دَوامِكُ حين لا يخشينَ ريحاً ... معاً كبنانِ أيدي القابِياتِ

وأنشد ابن السكيت:

وكلُّ طِمِرَّةٍ تهوي جميعاً ... سنابلُها كأيدي القابِياتِ

والقبْو الضمُّ، لأن الجاني يضم أنامله، وأهل المدينة يسمون الضمَّة في الإعراب القبْوة. ومنه القَباء لانضمام أطرافه.

وفي ذكر الزَّعفران قال الصنوبري:

تاهَ بالخدِّ والعِذارِ الجديدِ ... من همَمْنا لوصلهِ بالسجودِ

قلتُ يا سيّدي أرى شعَراتٍ ... كنمالٍ دببنَ في العاجِ سودِ

فتثنَّى وقالَ مهلاً فهذا ... زعفرانُ الهوى بوردِ الخدودِ

وفي اللفظ قد أحسن القائل:

رأيتُ أقماراً كمثلِ الدُّمى ... يكدْنَ بالأردافِ يسقطنَ

يلقطنَ ورداً هنَّ والمُصطفى ... أحسنُ ممَّا كنَّ يلقطنَ

والشعراء يصفون الشَّمس عند مغيبها باصفرار اللون، وأنها كالمُلاء المعصفر على أطراف الجدران؛ وكأنما نفضت ورْساً على الأصائل.

قال ابن المعتز:

مثلُ شمس الأصيل تسحبُ ثوباً ... صبغتْهُ بزعفرانِ الأصيلِ

أخذه من أبي تمام حيث يقول:

حُطَّتْ إلى تربةِ الإسلام أرحلُها ... والشَّمسُ قد نفضتْ ورْساً على الأُصلِ

وأخذه أبو تمام من مسلم:

فلمَّا انْتضى اللَّيلُ الصَّباحَ وصلتهُ ... بحاشيةٍ من لونهِ المتورِّدِ

وأخذه مسلم من العتابي:

أجدَّ ولما يجمعِ اللّيلُ شملَه ... فما حلَّ إلاَّ وهو وردُ المغاربِ

وأخذه العتابي من ذي الرمة:

حتَّى إذا اصفرَّ قرنُ الشَّمس أو كرَبتْ ... أمسى وقد جدَّ في حَوْبائه القَرَبُ

أخذه من أبي ذؤيب:

بأرْيِ التي تأرِي إلى كلِّ مغربٍ ... إذا اصفرَّ لِيطُ الشَّمسِ حانَ انقلابُها

وأخذه أبو ذؤيب من الراجز:

لا تخبُزا خبزاً وبُسّا بَسّا ... ملساً بذودِ الحَدَسيِّ مَلْسا

نوَّمتُ عنهنَّ غُلاما جِبْسا ... لمَّا تغطَّى فروةً وحِلْسا

من غدوةٍ حتَّى كأنَّ الشَّمسا ... في الأُفق الغربيِّ تُكسى وَرْسا

وهذه أبيات في قوارير ماء الورد:

ومُخطَفاتٍ كالعَذارى الحورِ ... مشمِّراتِ القُمْص كالمنثورِ

كلُّ فتاةٍ نشأتْ بحورِ ... تختالُ في دُوَّاجِها القصيرِ

حاسرةً عن أرِجٍ حسيرِ ... مثل نسيمِ الأرَجِ الممطورِ

وفيه أيضاً:

بعثتَ بها عذراءَ حاليةَ النحرِ ... مشمِّرةَ الجلباب جوريَّةَ النجْرِ

مضمَّنةً ماءً صفا مثلَ ودِّها ... فجاءتْ كذوبِ الدّرِّ في جامدِ الدُّرِّ

كتاب المشروب

تم كتاب المشموم. ويتلوه إن شاء الله كتاب المشروب.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه وسلم.

كتاب المشروب

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

سقى الله سِرب المها وغزلانها، وأحداج سلمى وأظعانها، حيث يُسمع نداء الحاديين، وتُقَوِّضُ خيامُ الوادِيَيْن، فالنواعج تنص هواديها للسُّرى، والهوادج تسبل سجوفها للنوى.

ملء العيون جمالاً والقلوب هوىً ... والسفر أُنساً وملءُ الشمسِ تبديدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015