وقال العتبي:

ولي صاحب سري المكتم عنده ... محاريق نيران بليل تحرق

غدوت على أسراره فكسوتها ... ثياباً من الكتمان ما تتخرق

فمن كانت الأسرار تطفو بصدره ... فأسرار صدري بالأحاديث تغرق

فلا تودعن الدهر سرك أحمقاً ... فإنك إن أودعته منه أحمق

وحسبك في ستر الأحاديث واعظاً ... من القول ما قال الأديب الموفق

إذا ضاق ضدر المرء عن سر نفسه ... فصدر الذي يستودع السّرّ أضيق

وقال خّر:

لا يكتم السر إلا كل ذي خطر ... فالسر عند كرام الناس مكتوم

والسر عندي في بيت له غلق ... قد ضاع مفتاحه والباب مردوم

قيل: دخل أبو العتاهية «1» على المهدي، وقد ذاع شعره في عتبة، فقال: «ما أحسنت في حبك، ولا أجملت في إذاعة سرك» ، فقال:

من كان يزعم أن سيكتم حبه ... أو يستطيع الستر فهو كذوب

الحب أغلب للرجال بقهره ... من أن يرى للسر فيه نصيب

وإذا بدا سر اللبيب فإنه ... لم يبد إلا والفتى مغلوب

إني لأحسد ذا هوىً مستحفظاً ... لم تتهمه أعين وقلوب

فاستحسن المهدي شعره وقال: «قد عذرناك على إذاعة سرك، ووصلناك على حسن عذرك، إن كتمان السر أحسن من إذاعته» . وقال زياد: «لكل مستشير ثقة، وإن الناس قد ابتدعت بهم خصلتان: إذاعة السر، وترك النصيحة، وليس للسر موضع إلا أحد رجلين: إما أخروي يرجو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015