محاسن مكر النساء

ذكروا أن الحجاج بن يوسف أرق، ذات ليلة، فبعث إلى ابن القرية، فقال: (أرقت، فحدثني حديثاً يقصر على طول ليلي، ولكن من مكر النساء وفعالهن) . فقال: أصلح الله الأمير! ذكروا أن رجلاً يقال له عمرو بن عامر من أهل البصرة، كان معروفاً بالنسك والسخاء. وكانت له زوجة يقال لها جميلة، وله صديق من النساك. فاستودعه عمرو ألف دينار، وقال: إن حدثت بي حادثة، ورأيت أهلي محتاجين، فأعطهم هذا المال. فعاش ما عاش، ثم دعي فأجاب، فمكثت جميلة بعده حيناً، ثم ساءت حالها، وأمرت خادمتها يوما ببيع خاتمها لغداء يوم أو عشاء ليلة. فبينا الخادمة تعرض الخاتم على البيع، إذ لقيها الناسك صديق عمرو، فقال: فلانة؟ قالت:

نعم. قال حاجتك؟ فأخبرته بسوء الحال، وما اضطرت إليه مولاتها من بيع خاتمها، فهملت عيناه دموعاً، ثم قال إن لعمرو قبلي ألف دينار، فأعلمي بذلك صاحبتك. فأقبلت الجارية ضاحكة مستبشرة، وهي تقول: رزق حلال عاجل من كد مولاي الكريم الفاضل. فلما سمعت مولاتها ذلك، سألتها عن القصة، فأخبرتها، فخرت ساجدة، وحمدت ربها، وبعثت بالجارية إلى الناسك، فأقبل الناسك ومعه المال، فلما دخل الدار، كره أن يدفع المال إلى أحد سواها؛ فخرجت، فلما نظر إلى جمالها وكمالها، أخذت مجامع قلبه، وفارقه النهى، وذهب عنه الحياء، وأنشأ يقول:

قد سلبت الجسم والقلب معاً ... وبريت العظم مما تلحظين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015