بنت بهرام جستاسب، كتبه لها كسرى أبرويز بن هرمز، إن لك عندي عهد الله، وذمته، وذمة أنبيائه ورسله، إن أنت قتلت بسطام، وأرحتني منه، أن أتزوج بك، وأجعلك سيدة نسائي، وأبلغ من كرامتك ما لا يبلغ ملك من الملوك لأحد، وأشهد الله على ذلك، وكفى بالله شهيداً» .

وكتب كسرى بخطه، وختمه بخاتمه يوم كذا من شهر كذا. فسارت «أرجية» ، حتى دخلت عسكر بسطام كهيئة الزائرة لكردية بالنظر إليها، وكان بينهما قرابة، فلما جلست وسكنت، دفعت إليها كتاب كسرى، وقالت لها:

«يا ابنة العم، أجيبي الملك إلى ما سألك، واغنمي بذلك الرجوع إلى وطنك» . فرغبت لشدة شوقها إلى أهلها، فأجابتها إلى ذلك.

وانصرفت أرجية إلى عسكر كسرى، وعرفت زوجها ما كان بينها وبين كردية، فمضى كردي إلى كسرى فأعلمه.

ثم أن بسطام دخل على كردية، فأتته بعشاء، فتناول منه، ثم أتته بشراب فسقته، وجعلت تحدثه، وتظهر له المحبة، حيت مضى ثلث الليل؛ فنام بسطام، فلما استثقل نوماً، قامت إليه كردية بسيفها، فوضعته على ثندوءته، ثم اتكأت فأخرجته من ظهره فمات؛ وعمدت من ساعتها إلى دوابّها، فحملت حشمها وأثقالها على البغال، وخرجت نحو عسكر كسرى؛ وقد كانت وجهت مع «أرجية» إلى أخيها أن يجلس لها على الطريق، فلما وافته، سار معها حتى أدخلها على كسرى، ففرح بذلك فرحاً شديداً.

فلما أصبح أصحاب بسطام، ورأوه قتيلاً، ولوا هاربين على وجوههم؛ فانصرف كسرى إلى المدائن، فاتخذ لكردية تاجاً مكللاً بالدرر وصنوف الجوهر، وأعد لها وليمة عظيمة دعا فيها جنوده، فطعموا وشربوا، ثم دعا كردياً أخاها، فزوجه إياها، ومهرها، وأعطاها خاتماً، فصّه من الكبريت الأحمر، يضيء في الليلة الظلماء كما يضيء السراج.

فلما دخل بها كسرى، ونظر إلى جمالها وعقلها، سر بها، وأعطاها الأموال، وأقطعها الضياع، وأكرم أخاها كردياً، وولاه أرض فارس، وبلغ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015