وولي قضاء مدينة عسقلان في سنة عشر وخمسمائة، ثم صرف في سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وعاد إلى القاهرة، فولي صاحب ديوان الأحباش، والجامع العتيق، والأوقاف، والمواريث، بمصر والقاهرة وأعمالها، في سنة خمس عشرة وخمسمائة، ثم ولي قضاء المحلّة والغربيّة من بحري الفسطاط، ورشّح إلى ولاية نقابة الأشراف.

ولما بنى الأفضل ابن أمير الجيوش جامع القبلة، مات ولم يكمله، فأتمّه الوزير المأمون ابن البطائحي، واستخدم فيه خطيبا الشريف أبا جعفر هذا، وحضر سائر وجوه الدولة ورؤسائها لسماع خطبته، فلما رقي المنبر قال: الحمد لله، ولم يزل يكررها إلى أن ضجر من حضر ونزل وقد حمّ، فصلى بالناس قيّم الجامع، ومضى الشريف إلى داره، ولم يزل عليلا حتى مات سنة عشر، وقيل خمس عشرة، وقيل سبع عشرة، وقيل ثماني عشرة وخمسمائة، وهو الصحيح.

وقال فيه القاضي الرشيد أبو الحسن أحمد بن الزبير، في كتاب (جان الجنان ورياض الأذهان) : من القضاة الأدباء، والشيوخ الظرفاء، شاهدته بمصر في سنة سبع عشرة وخمسمائة، فرأيت شخصا كامل الأدوات، قد أحرز الفضل من كل الجهات، ومحلّة في الأدب، يوازي محلّه في العلم والنسب.

وقال ابن عساكر [1] : كان من أهل الأدب، وله معرفة بأنساب قريش، توجّه إلى مصر، وكان قدم دمشق سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.

ومن شعره وقد نام مع جارية على سطوح داره بطرابلس، فطلع القمر عليهما، فارتاع من كشف الجيران إياهما، ونزلا فقال: [2] [الطويل]

ولما تلاقينا وغاب رقيبنا ... ورمت التّشكّي في خلاء وفي سرّ

بدا ضوء بدر فافترقنا لضوئه ... فيا من رأى بدرا ينمّ على بدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015