الانسان جديدا في دائرة بحثه ودراسته زاد ايمانه بالله. لقد حل العلم اليوم محل كثير من الخرافات القديمة التي غالبا ما طغت على المعتقدات الدينية، واستبدل بها حقائق رصينة تستند إلى المشاهدة والتجربة. وكما عدلت الكشوف العلمية أساليب الطب القديمة من الكي والحجامة إلى تلك الأساليب الحديثة من التشخيص والعلاج، فان العلوم الحديثة قد غيرت كذلك من بعض المعتقدات حول علاقة الانسان بالله، فلم يعد الناس يعتقدون ان سبب المرض ما هو الا سخط من الله ينزله بعباده عقابا لهم على خطاياهم، وانما سببه غزو للجسم تقوم به بعض الكائنات الدقيقة التي تخضع لكل القوانين الطبيعية التي تتحكم في سائر الكائنات الحية الاخرى. ان ايماننا بالله لم يتزعزع بسبب معرفتنا بهذه الحقائق، بل ازاداد علما به وبالعالم الذي خلقه سبحانه وتعالى، وكذلك بتلك الكائنات التي يصيب بها من يشاء.

ان الانسان لا يستطيع ان يدرس اعمال اي صانع من الصناع دون ان يحيط بقدر من المعلومات عن الصانع الذي أبدع تلك الاعمال، وكذلك نجد أننا كلما تعمقنا في دراسة أسرار هذا الكون وسكانه، ازددنا معرفة بطبيعة الخالق الأعلى الذي أبدعه. وقد اشتغلت بدراسة علم الأحياء، وهو من ميادين العلمية الفسيحة التي تهتم الحياة، وليس من مخلوقات الله أروع من الأحياء التي تسكن هذا الكون.

انظر إلى نبات برسيم ضئيل وقد نما على أحد جوانب الطريق. فهل نستطيع ان تجد له نظيرا في روعته بين جميع ما صنعه الانسان من تلك العدد والآلات الرائعة؟ انه آلة حية تقوم بصورة دائبة لا تنقطع آناء الليل وأطراف النهار بآلاف من التفاعلات الكيماوية والطبيعية، ويتم كل ذلك تحت سيطرة البروتوبلازم وهو المادة التي تدخل في تركيب جميع الكائنات الحية.

فمن اين جاءت هذه الآلة الحية المعقدة؟ ان الله لم يصنعها هكذا وحدها، ولكنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015