اللغه (صفحة 44)

متكلما. وبعبارة أخرى يجب أن يكون السامع حائزا بالقوة على ما يحققه المتكلم بالفعل. على هذا الشرط يتوقف وجود الكلام. ويترتب على ذلك أنه يمكن إسقاط الجزء السمعي من اللغة في دراسة الصوتيات ما دام السماع يفترض وجود قوة مساوية من إحداث الصوت عندما يتكلم شخصان لغة واحدة فيما بينهما. فليس هناك في الواقع إلا وجهان من وظيفة واحدة، وحدودها واحدة. نعم أغلب الظن أن تحليل المراكز العصبية يسمح بالتمييز بينهما، ولكن هذا التحليل ليس من اختصاص علم الصوتيات.

يظهر أن انتقال الصوت يكون في أيامنا هذه الموضوع الأساسي من دراسة علماء الصوتيات1، فالواقع أنهم أميل إلى الاشتغال بالتموجات، ذلك الميدان الشاسع من البحوث الذي يجنح نحو علم الطبيعة البحتة ولا يمكن الاقتراب منه دون تحضير رياضي متين. ومن هنا اكتسب علم الصوتيات دقة غريبة، فقد أصبحت لديه الوسيلة لتحديد الأصوات بعدد الذبذبات التي تحددها صورها، أما نحن فسنقف هنا عند عادات المدرسة القديمة فنقتصر على دراسة إنتاج الصوت، أعنى التصويت phonation، وعلى وصف نتائج التصويت، يعني "الأصوات".

يشتمل جهاز الإنسان الصوتي على الأجزاء الرئيسية الآتية: منفاخ، هو الرئتان، وقناة صوتية هي القصبة الهوائية، وهي مغلقة من طرفها الأعلى بواسطة تضخم مزدوج، وهو ما يسمي بالأوتار الصوتية، أو فتحة الحنجرة Glotte بالاختصار، فهو آلة هوائية، آلة ذات مبسم مزدوج. ويبدو من نظام الحنجرة سمو الجهاز الإنساني على جميع الآلات الأخرى. والأوتار الصوتية على جانب من المرونة لا يصل إليها مبسم المزمار الموسيقي الذي هو صلب بالضرورة. وتستطيع هذه الأوتار، بفضل نظام للحركات لطيف التدبير يدبر عدة أزواج من العضلات، أن تأخذ أوضاعا مختلفة. فيمكن إبقاؤها مغلقة أو فتحها فتحا تاما أو شبه تام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015