الأَحْدَاثُ بَيْنَ غَزْوَةِ الطَّائِفِ وَغَزْوَةِ تَبُوكَ

قُدُومُ كَعْبِ بْنِ زُهَير بْنِ أَبِي سُلْمَى وَإِسْلامُهُ:

ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى أَنَّ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى مِمَّنْ أَهْدَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَمَهُ، لِأَنَّهُ كَانَ يَهْجُوهُ بِشِعْرِهِ، وَكَانَ شَاعِرًا مُخَضْرَمًا، وَكَانَ أَبُوهُ زُهَيْرَ بْنَ أَبِي سُلْمَى، صَاحِبَ إِحْدَى الْمُعَلَقاتِ السَّبْعِ الْمَشْهُورَةِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَهْدَرَ دَمَهُ خَافَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَسْلَمَ، وَقِصَّتُهُ أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ في الْمُسْتَدْرَكِ، وَابْنُ إِسْحَاقَ في السِّيرَةِ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، وَكَانَ مِنْ قِصَّتِهِ: أَنَّهُ خَرَجَ هُوَ وَأَخُوهُ بُجَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى أَتَيَا أَبْرَقَ الْعُزَافِ (?)، فَقَالَ بُجَيْرٌ لِكَعْبٍ: اثْبُتْ في غَنَمِنَا هُنَا حَتَّى آتِيَ هَذَا الرَّجُلَ -يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَسْمَعَ مَا يَقُولُ، فَأَقَامَ كَعْبٌ، وَمَضَى بُجَيْرٌ، فَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَأَسْلَمَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا، قَالَ:

أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... فَهَلْ لَكَ فِيمَا قُلْتَ وَيْحَكَ هَلْ لَكَا

فَبَيِّنْ لَنَا إِنْ كُنْتَ لَسْتَ بِفَاعِلٍ ... عَلَى أَيِّ شَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ دَلَّكَا

عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمًّا وَلَا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَا تُلْفِي عَلَيْهِ أَخًا لَكَ

سَقَاكَ بِهَا الْمَأْمُونُ كَأَسًا رَوِيَّةً ... فَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015