. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

جمع أحاديث مرفوعة بلا زيادة شيء عليها ولكن شراحه وضعوا له التراجم كل بحسب ما ظهر له من معاني الأحاديث ولذلك اختلفت تراجمه وبقيت عنهم أحاديث كثيرة لا تدخل في تراجمهم فتحتاج إلى وضع ترجمة لها كما سنبينها في مواضعها إنَّ شاء الله تعالى.

(واعلم) أن للمصنفين فيما وقعت بدايتهم به اختيارات ولكل واحد منهم في ذلك اختيار وأنسب ما توجه به بداية مسلم بكتاب الإيمان أن يقال إنه رأى الإيمان شرطًا في التكليف والأصل تقديم الشرط على المشروط له وأما بداية البخاري بكتاب بدء الوحي فلأن الوحي أصل الإيمان ومأخذه فهو مأخذ كل التكاليف وأصله فلذلك اختار البداية به، وأما أصحاب السنن فاختاروا البداية بكتاب الطهارة لأن الطهارة شرط في الصلاة التي هي أصل أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقال بعضهم: بدءوا بالطهارة لأنها مفتاح الصلاة التي هي أهم العبادات ولذلك ورد "مفتاح الجنة الصلاة ومفتاح الصلاة الطهور" انتهى.

(ثم اعلم) أن (?) الأولى للقارئ أن يصرح بقراءة الترجمة فيقول كتاب الإيمان كتاب الطهارة كتاب الصلاة مثلًا، أما أولًا فلأنها جزء من ذلك التصنيف ويتأكد ذلك من مريد الرواية، وأما ثانيًا فلأنها تفتقر إلى البيان كغيرها.

(قلت) (?) هذا صحيح في التراجم التي وضعها مؤلف الكتاب كتراجم البخاري وأبي داود أما مثل تراجم كتاب مسلم هذا فقد لا يسلم فيها ما ذكره الأبي لأنها ليست من وضع مسلم حتى يصدق عليها أنها جزء من الكتاب ويطالب القارئ بقراءتها وإنما هي من وضع المشايخ ولهذا نجد الاختلاف فيها كثيرًا بحسب اختلاف اختياراتهم فلا ينهض فيها ذِكْرُه والله أعلم.

ثم قال الأبي: ولم أر من تعرض لبيان كل الترجمة وإنما نجدهم يتكلمون على الجزء الثاني فقط فيقولون: في كتاب الطهارة مثلًا، الطهارة لغة كذا واشتقاقها من كذا وهي في العرف كذا وكذا قال: وقد رأيت أن أتكلم على كلها تكميلًا للفائدة، فكتاب الإيمان مثلًا مركب إضافي والمركب الإضافي قيل إنَّ حده لقبًا يتوقف على معرفة جزئيه لأن العلم بالمركب بعد العلم بجزئيه وقيل لا يتوقف لأن التسمية سلبت كلًّا من جزئيه عن معناه الإفرادي وصيرت الجميع اسمًا لشيء آخر ورُجِّح الأول بأنه أتم فائدة وعليه اختلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015