بسم الله الرحمن الرحيم

(4) - كتاب الصيام

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(4) - كتاب الصيام

والصوم والصيام مصدران لصام الأجوف الواوي يقال: صام يصوم صومًا وصيامًا وهو لغة: الإمساك ولو عن نحو الكلام ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أي إمساكًا عن الكلام ومنه أيضًا قول الشاعر: -

خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما

فقوله: صيام أي ممسكة عن الكر والفر وقوله: غير صائمة أي غير ممسكة عن الكر والفر بل تكر وتفر تحت العجاج أي الغبار الذي ينعقد فوق المقاتلين من آثار الحرب وأخرى تعلك اللجما أي مهيأة للقتال عليها عند الاحتياج إليها وشرعًا: إمساك مخصوص في زمن مخصوص من شخص مخصوص بشرطه وهذه القيود تحتاج إلى تفصيل يذكر في كتب الفقه وأما حده على مذهب مالك فهو إمساك جميع أجزاء اليوم عن أمور مخصوصة بنية موقعة قبل الفجر وقدمه على الحج لأنه أفضل منه ولهذا قدم عليه في حديث (بني الإسلام على خمس) وقيل: الحج أفضل منه لأنه وظيفة العمر ولأنه يكفر الكبائر والصغائر وعلى هذا فتقديم الصوم عليه لكثرة أفراد من يجب عليه الصوم بالنسبة لأفراد من يجب عليه الحج وأصل الصوم من الشرائع القديمة وأما بهذه الكيفية فمن خصوصيات هذا الأمة قال في الإيضاح: واعلم أن الصوم من أعظم أركان الدين وأوثق قوانين الشرع المتين به قهر النفس الأمارة بالسوء وأنه مركب من أعمال القلب ومن المنع من المآكل والمشارب والمناكح عامة يومه وهو أجمل الخصال غير أنه أشق التكاليف على النفوس فاقتضت الحكمة الإلهية أن يبدأ في التكاليف بالأخف وهو الصلاة تمرينًا للمكلف ورياضة له ثم يثني بالوسط وهو الزكاة ويثلث بالأشق وهو الصوم وإليه وقعت الإشارة في مقام المدح والترتيب في قوله تعالى: {وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} وفي ذكر مباني الإسلام في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان) فاقتدت أئمة الشريعة في مصنفاتهم بذلك اهـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015