. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بسرداقات قدسه، وحريم كبريائه، وجعل مقدمًا على التحميد الدال على أوصاف الكمال، لأن التخلية قبل التحلية، وأوقعه حالًا لتقاربه في الوجود وإن فاته السبق لفظًا، وقد سلف في كتاب الدعوات عن أبي هريرة مرفوعًا "من قال في سوم: سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". وفي مسلم ما رواه عن أبي ذر "قلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الكلام أحب إلى الله؟ قال: ما اصطفاه لملائكته سبحان الله".

واعلم أن البخاري -قدس روحه- بدأ كتابه بحديث "إنما الأعمال بالنيات" الذي يدل على أنه لا يعتد بعمل دون الإخلاص، وختمه بآخر أهوال يوم القيامة، وهو وزن الأعمال، إذ بعده فريق في الجنة، وفريق في السعير، وأرشد إلى أثقل ما يوجد في الميزان مع خفته على اللسان، ولفظ الرحمن طبق المفصل إذ ذلك الثواب الجزيل على هذا العمل القليل، منشؤه صفة الرحمانية الدالة على جلائل النعم، شكر الله سعيه، وأعظم أجره.

وأنا أيضا أختم كتابي بما هو أحب إلى الله: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

هذا آخر ما وقعت له من الكوثر الجاري إلى رياض البخاري. ثم بحمد الله أول النهار، الرابع عشر من جمادى الأولى، والبدر في التمام، من شهور سنة أربع وسبعين وثمانمائة، واللهَ أسأل التجاوز عن هفوات الأقلام، وعثرات الأقدام، وخطرات الأوهام، وسقطات الكلام، وأضع خدي على الرغام، وأتوسل إليه بصاحب المقام، أن يجعل سعيي مشكورًا، وعملي مبرورًا، وأن يغفر لي ولوالدي ولمشايخي ولأحبتي ولجميع المسلمين أجمعين.

حرره مؤلفه أحمد الكوراني، فاضت عليه مواهب الرحمن، بدار الغزاة، حُميت عن الآفات، أعظم بلاد الروم: أدرنة، أيد الله سلطانه، وشيد أركانه، إذا كان هو الباعث على الإقدام، صانه الله عن وصب الدهر ووثبه وحشره تحت لواء سيده وسميه، والحمد لله أولًا وآخرًا، والصلاة على سيد الرسل الكرام، إلى آخر الساعة وساعة القيام. تم.

تحريرًا في شوال المكرم، من شهور سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة في وقت الصبح سنة 903.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015