الماء لغيرها فينتفع به الناس والدواب. وكذلك النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أذهان ثاقبة ولا رسوخ لهم في العلم يستنبطون به المعاني والأحكام وليس لهم اجتهاد في العمل به فهم يحفظونه حتى يجيء أهل النفع والانتفاع فيأخذوه منهم فينتفعوا به فهؤلاء نفعوا الناس بما بلغهم.

والنوع الثالث من الأرض: هو السباخ الذي لا تنبت فهي لا تنتفع بالماء ولا تمسكه لينتفع به غيرها وكذا النوع الثالث من الناس ليست لهم قلوب حافظة ولا أفهام واعية فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ولا يحفظونه فينتفع به غيرهم.

فالمثل الأول. للمنتفع النافع. والثاني للنفاع غير المنتفع. والثالث لغيرهما. انتهى. وقال الخطابي: هذا مثل ضرب لمن قبل الهدى وعلم ثم علم غيره فنفعه الله ونفع به ولمن لم يقبل الهدى فلم ينتفع بالعلم ولم ينفع به. انتهى.

فالناس- حينئذ على ثلاثة أقسام: قسم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وقسم مأمورون منهيون. وقسم متخلفون عن ذلك معرضون عما هنالك وكل قسم من هؤلاء ينقسم إلى طبقات معروفة ومراتب مشهورة مألوفة.

أما القسم الأول: فعليهم المدار والمعول فطبقاتهم مختلفة بقدر النيات وتفاوت درجاتهم بحسب الطويات فأرفع هذه الطبقات قدرًا وفخرًا وأعظمها ثوابًا وخيرًا وأجرًا، وأحقها بالقيام في ذلك وأولى خواص الخلق أهل الطبقة الأولى قد علم كل منهم محذور المداهنة على منكر رآه أو سمع به في مكان أعلنه صاحبه وأبداه. وأن القائم بالإنكار المجتهد في حصوله خليفة الله تعالى وخليفة رسوله وهم العلماء العاملون والعباد المتزهدون أرباب القلوب والعزائم الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم. قاموا بذلك بمجرد أمر الله ونهيه الذي لا يدعونه. وبادروه خوفًا من قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه}.

فهؤلاء لزمهم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع الحالات المقصودون بقوله: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}.

وعند كل منهم الرفق فيما أرشد وعلم اقتداء في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم فأهل هذه الطبقة قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015