الكليات (صفحة 119)

الأقوام، وتواضع مِنْهُم

وَيسْتَعْمل الِاصْطِلَاح غَالِبا فِي الْعلم الَّذِي تحصل معلوماته بِالنّظرِ وَالِاسْتِدْلَال

وَأما الصِّنَاعَة: فَإِنَّهَا تسْتَعْمل فِي الْعلم الَّذِي تحصل معلوماته بتتبع كَلَام الْعَرَب

واللغات كلهَا اصطلاحية عِنْد عَامَّة الْمُعْتَزلَة وَبَعض الْفُقَهَاء، وَقَالَ عَامَّة الْمُتَكَلِّمين وَالْفُقَهَاء وَعَامة أهل التَّفْسِير إِنَّهَا توقيفية

وَقَالَ بعض أهل التَّحْقِيق: لَا بُد وَأَن تكون لُغَة وَاحِدَة مِنْهَا توقيفية ثمَّ اللُّغَات الْأُخَر فِي حد الْجَوَاز بَين أَن تكون اصطلاحية أَو توقيفية، لِأَن الِاصْطِلَاح من الْعباد على أَن يُسمى هَذَا كَذَا، وَهَذَا لَا يتَحَقَّق بِالْإِشَارَةِ وَحدهَا بِدُونِ الْمُوَاضَعَة بالْقَوْل

وَفِي " أنوار التَّنْزِيل " فِي قَوْله تَعَالَى: {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} أَن اللُّغَات توقيفية، فَإِن الْأَسْمَاء تدل على الْأَلْفَاظ بِخُصُوص أَو عُمُوم وَتَعْلِيمهَا ظَاهر فِي إلقائها على المتعلم مُبينًا لَهُ مَعَانِيهَا، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي سَابِقَة وضع، وَالْأَصْل يَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك الْوَضع مِمَّن كَانَ قبل آدم، فَيكون من الله تَعَالَى

الْإِصَابَة: فِي الأَصْل هُوَ النّيل والوصول، وَفِي (إِن أصبتك فَكَذَا) مُضَافا إِلَى الْمَرْأَة يحْتَمل وُجُوهًا مُتعَدِّدَة: مِنْهَا إِصَابَة الذَّنب يُقَال: (أصبت من فلَان) وَيُرَاد بِهِ الْغَيْبَة وَالْمَال يُقَال: (أصَاب من امْرَأَته مَالا) وَالْوَطْء وَلِهَذَا يُقَال للثيب: مصابة، والقبلة، وَمِنْه حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " كَانَ رَسُول الله يُصِيب من بعض نِسَائِهِ وَهُوَ صَائِم " أَرَادَت بهَا الْقبْلَة

[وَفِي " التسديد " لفظ الْإِصَابَة يدل على مَا يَقع من غير اخْتِيَار العَبْد وَكَسبه، وَلَا يكون مَقْدُورًا لَهُ لَا على مَا يَفْعَله العَبْد بِقَصْدِهِ واختياره كَمَا يُقَال: (أَصَابَهُ مرض أَو هم أَو مشي أَو قعُود أَو قيام) بل يُقَال: كسب وَقَول وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَتْكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} ]

الإصغاء: مَعْنَاهُ (كوش داشتن) لَا السماع؛ وَقد يُرَاد بِهِ السماع للاستلزام بَينهمَا بِالنّظرِ إِلَيْنَا بِنَاء على الْغَالِب؛ وَصَحَّ فِي حق الله تَعَالَى بِالنّظرِ إِلَى أصل اللُّغَة بِمَعْنى الِاسْتِمَاع

الاصطفاء: فِي الأَصْل تنَاول صفوة الشَّيْء، كَمَا أَن الِاخْتِيَار تنَاول خَيره

والاجتباء: تنَاول جابته أَي وَسطه، وَهُوَ الْمُخْتَار

[واصطفاء آدم النَّبِي على الْعَالم بِأَن رَجحه على جَمِيع الْمَلَائِكَة

واصطفاه نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على الْعَالم بِأَن أهلك قومه وَحفظ نوحًا وَأَتْبَاعه

واصطفاء آل إِبْرَاهِيم على الْعَالم بِأَن جعل دينهم شَائِعا وذلل مخالفيهم

واصطفاء مُوسَى وَهَارُون على الْعَالم بِأَن جعل فِرْعَوْن مَعَ عَظمته وَغَلَبَة جُنُوده مَغْلُوبًا

واصطفاء مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جَمِيع المكونات بِأَن جعله حبيبا {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} ]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015