قال البيضاوي: " إنما فتح "الميم" في المشهور وكان حقها أن يوقف عليها لإِلقاء حركة "الهمزة" عليها ليدل على أنها في حكم الثابت، لأنها أسقطت للتخفيف لا للدرج، فإن "الميم" في حكم الوقف كقولهم واحد اثنان بإلقاء حركة "الهمزة" على "الدال" لا لالتقاء الساكنين، فإنه غير محذور في باب الوقف، ولذلك لم تحرك الميم في لام" (?).

والثاني: {الم الله} بتسكين الميم وقطع الألف. رواه أبوبكر عن عاصم (?)، ورويت هذه القراءة عن الحسن، وعمرو بن عبيد، والرؤاسي، والأعمش، والبرجمي، وابن القعقاع (?).

ومن قطع "الألف" فله وجهان (?):

أحدهما: نية الوقف ثم قطع الهمزة للابتداء، كقول الشاعر (?):

لتسمعن وشيكا في ديارهم ... الله أكبر يا ثارات عثمانا

والثاني: أن يكون أجراه على لغة من يقطع ألف الوصل.

كقول الشاعر (?):

إذا جاوز الاثنين سر ... فإنه بنت وتكثير الوشاة قمين

قال الزمخشري: " ومن فصل وقطع فللتفخيم والتعظيم تعالى الله ابتداء وما بعده خبر" (?).

والثالث: {الم الله}، بكسر الميم، على توهم التحريك لالتقاء الساكنين (?)، قرأ بها أبو حيوة، ونسبها ابن عطية إلى الرؤاسي (?)، ونسبها الزمخشري إلى عمرو بن عبيد (?)، وأجازه الأخفش (?).

وضعّفه الزجاج وقال: وهذا غلط ... لأن قبل الميم ياءً مكسوراً ما قبلها، فحقها الفتح لالتقاءِ السَّاكنين، وذلك لثقل الكسرة مع الياءِ" (?).

والصواب: الفتح قراءة الجمهور. واختاره أبو حيان (?). والله أعلم.

الفوائد:

1 - من فوائد الآية الكريمة: إثبات ألوهية الله تعالى عزّ وجلّ، لقوله: {اللَّهُ}.

2 - إنفراده بهذه الألوهية، لقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}.

3 - إثبات اسمين من اسماء الله {الْحَيُّ الْقَيُّوم}، وقد ورد أنهما اسم الله الأعظم، لاشتمالهما على كمال الذات والصفات والأفعال.

4 - إثبات حياته وقيوميته، لأن كل اسم فإنه متضمن للصفة، وقد يتضمن امرا زائدا وهو الحكم الذي يسمى الأثر.

5 - أن كل شيء مفتقر إلى الله وأن الله غني عما سواه، لأن كمال حياته يستلزم غناه عن كل أحد، وكمال قيوميته يستلزم افتقار كل شيء إليه، وهو كذلك، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم: 25]، وقال: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33].

القرآن

{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3)} [آل عمران: 3]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015