كذلك اختاروا الفتح ليكون أخفَّ، إذ لو كسروا لاجتمعت كسرتان، كما قالوا: (كيفَ وأينَ)، ففتحوا كراهة اجتماع ياءٍ وكسرةٍ، وأما نحو: (مِنِ ابنك) فقليل جدًّا، إذِ الأسماء التي في أولها همزة الوصل إذا جاوزت نحو (الرجل) لا تكثر، والشيء إذا لم يكثر على ألسنتهم لم يطلبوا فيه الخفة طلبهم فيما يكثر.

وأما من فتح فقال: (مِنَ ابنِكَ) فَلِفَرْطِ حِرْصه على ما هو أَخَفُّ، فقد رجع القول إلى أن نحو: (مِن ابنك) جاز فيه الأَمران جوازًا حسنًا، ونحو: (مِنَ الرجل) التُزِمَ فيه الفتح، ولم يأت الكسر إلا مَرْذولًا، لأن هذا كثير.

وأما (عن) فيحرك بالكسر، فيقال: (عنِ الرجل)، إذ لم تكن العينُ مكسورةً، كما كانت الميم من (مِن) مكسورة، ولما كان كذلك ثبت على الكسر الذي هو الأصل (?).

وأما نون (الشَّيْطَانِ): فقد حُكي عن صاحب الكتاب رحمه الله أنه جعلها في موضع من كتابه أصلية، وفي آخَرَ مزيدة (?)، بدلالة قولهم: تَشَيْطَنَ الرجل، إذا صار شيطانًا، واشتقاقه من شَطَن، إذا بَعُد، ومنه بئر شَطون، أي: بعيدة القعر، ونوىً شَطون، أي: بعيدة، قال الشاعر:

1 - نأت بسعادَ عنكَ نَوىً شَطُونُ ... فبانتْ والفؤادُ بها رَهينُ (?)

سُمِّي بذلك لبعده من الصلاح والخير. ومِن شاط يشيط، إذا هلك وبطل، ومنه قول الأعشى (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015