{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2)}:

قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} أي: خلق أصلكم وهو آدم عليه السلام، عن الحسن وغيره (?)، ثم حُذِف المضاف. وفي {مِنْ} وجهان:

أحدهما: لابتداء الغاية متعلق بخلق.

والثاني: للبيان في موضع الحال من المضاف المحذوف، أي: خلق أصلكم كائنًا من طين.

وقوله: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا}، فإن قلت: ما معنى {ثُمَّ} هنا؟ قلت: قيل: لترتيب زمان بعد زمان؛ لأن الله جل ذكره قضى الآجال قبل خلق السماوات والأرض، وإنما هي لإِتيان خبر بعد خبر، كأنه قيل: أُخبِركم أن الله خلق آدم من طين، ثم أخبركم أن الله قضى أجلًا، ونظيره:

193 - قل لمن سادَ ثم سادَ أبوه ... ثم قد ساد قَبلَ ذلكَ جَدُّه (?)

وقوله: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} (أجل) مبتدأ، و {مُسَمًّى} نعت له، و {عِنْدَهُ} الخبر، ولولا تخصيصه بالصفة لكان الوجه لا بل الواجب تقديم الظرف عليه، كما تقول: عندي مالٌ، وتحت رأسه سَرْجٌ.

فإن قلت: الجاري على الألسنة، المستعمل في كلام القوم، أن يقال: عندي فرسٌ أشهبُ، وثوبٌ أخضرُ، فيقدم الخبر، فما باله مؤخرًا هنا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015