خَيْبَرَ، قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ أَنَّ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ بِالْجِنَابِ قَدْ أَمَدَّهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَأَمَرَهُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَشِيرًا فَأَصَابُوا نَعَمًا، وَقَتَلُوا مَوْلًى لِعُيَيْنَةَ، ثُمَّ لَقُوا جَمْعَ عُيَيْنَةَ، فَهَزَمَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَانْهَزَمَ عُيَيْنَةُ، فَلَقِيَهُ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ مُنْهَزِمًا، فَقَالَ لَهُ: قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تُقَصِّرَ عَمَّا مَضَى.

(حَاطِبٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ. وَبَشِيرٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَآخِرُهُ رَاءٌ، وَالِدُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ. وَعُيَيْنَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ، وَسُكُونِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ، وَبَعْدَهَا نُونٌ، تَصْغِيرُ عَيْنٍ) .

[ذِكْرُ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ]

لَمَّا عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خَيْبَرَ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ جُمَادَيَيْنِ وَرَجَبًا وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَشَوَّالًا - يَبْعَثُ السَّرَايَا، ثُمَّ خَرَجَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مُعْتَمِرًا عُمْرَةَ الْقَضَاءِ، وَسَاقَ مَعَهُ سَبْعِينَ بَدَنَةً، وَخَرَجَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فِي عُمْرَتِهِ الْأُولَى. فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ خَرَجُوا عَنْهُ، وَتَحَدَّثَتْ قُرَيْشٌ بَيْنَهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ فِي عُسْرٍ وَجُهْدٍ، فَاصْطَفُّوا لَهُ عِنْدَ دَارِ النَّدْوَةِ، فَلَمَّا دَخَلَهَا اضْطَبَعَ بِرِدَائِهِ، فَأَخْرَجَ عَضُدَهُ الْيُمْنَى ثُمَّ قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَرَاهُمُ الْيَوْمَ مِنْ نَفْسِهِ قُوَّةً! ثُمَّ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ وَخَرَجَ يُهَرْوِلُ، وَيُهَرْوِلُ أَصْحَابُهُ مَعَهُ» ، وَكَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ:

خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهْ ... خَلُّوا فَكُلُّ الْخَيْرِ فِي رَسُولِهْ

يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهْ ... أَعْرِفُ حَقَّ اللَّهِ فِي قَبُولِهْ

نَحْنُ قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهْ ... كَمَا قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهْ

ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهْ ... وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهْ

وَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرِهِ هَذَا بِمَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثًا، فَأَرْسَلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015