[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّمِائَة]

600 -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّمِائَةٍ

ذِكْرُ حِصَارِ خُوَارِزْمَ شَاهْ هَرَاةَ ثَانِيَةً

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، أَوَّلَ رَجَبٍ، وَصَلَ خُوَارِزْمُ شَاهْ مُحَمَّدٌ إِلَى مَدِينَةِ هَرَاةَ، فَحَصَرَهَا، وَبِهَا أَلْب غَازِي ابْنُ أُخْتِ شِهَابِ الدِّينِ الْغُورِيِّ مَلِكِ غَزْنَةَ، بَعْدَ مُرَاسَلَاتٍ جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شِهَابِ الدِّينِ فِي الصُّلْحِ، فَلَمْ يَتِمَّ. وَكَانَ شِهَابُ الدِّينِ قَدْ سَارَ عَنْ غَزْنَةَ إِلَى لَهَاوُورَ عَازِمًا عَلَى غَزْوِ الْهِنْدِ، فَأَقَامَ خُوَارِزْمُ شَاهْ عَلَى حِصَارِ هَرَاةَ إِلَى سَلْخِ شَعْبَانَ.

وَكَانَ الْقِتَالُ دَائِمًا، وَالْقَتْلُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ كَثِيرًا، وَمِمَّنْ قُتِلَ رَئِيسُ خُرَاسَانَ، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ يُقِيمُ بِمَشْهَدِ طُوسَ، وَكَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ خَرْمِيلَ بِكُرْزُبَانَ - وَهِيَ إِقْطَاعُهُ -، فَأَرْسَلَ إِلَى خُوَارِزْمَ شَاهْ يَقُولُ لَهُ: أَرْسِلْ إِلَيَّ عَسْكَرًا لِنُسَلِّمَ إِلَيْهِمُ الْفِيَلَةَ وَخِزَانَةَ شِهَابِ الدِّينِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ أَعْيَانِ عَسْكَرِهِ إِلَى كُرْزُبَانَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ هُوَ وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْغَنِيُّ، فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا الْقَلِيلَ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى خُوَارِزْمَ شَاهْ، فَسُقِطَ فِي يَدِهِ وَنَدِمَ عَلَى إِنْفَاذِ الْعَسْكَرِ. وَأَرْسَلَ إِلَى أَلْب غَازِي يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ مِنَ الْبَلَدِ وَيَخْدِمَهُ خِدْمَةً سُلْطَانِيَّةً لِيَرْحَلَ عَنْهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ، فَاتُّفِقَ أَنَّ أَلْب غَازِي مَرِضَ وَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَخَافَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِمَرَضِهِ فَيَمْلِكُ خُوَارِزْمُ شَاه الْبَلَدَ، فَأَجَابَ إِلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ، وَاسْتَحْلَفَهُ عَلَى الصُّلْحِ، وَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً جَلِيلَةً، وَخَرَجَ مِنَ الْبَلَدِ لِيَخْدِمَهُ، فَسَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ مَيِّتًا، وَلَمْ يَشْعُرْ أَحَدٌ بِذَلِكَ، وَارْتَحَلَ خُوَارِزْمُ شَاهْ عَنِ الْبَلَدِ وَأَحْرَقَ الْمَجَانِيقَ وَسَارَ إِلَى سَرَخْسَ فَأَقَامَ بِهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015