وَأَيْنَ مِنَ السِّتِّينَ لَفْظٌ مُفَوَّقٌ إِذَا

رُمْتُ أَدْنَى الْقَوْلِ مِنْهُ عَصَانِيَا ... وَقُلْتُ أَخِي يَرْعَى بَنِيَّ وَأُسْرَتِي

وَيَحْفَظُ عَهْدِي فِيهِمُ وَذِمَامِيَا ... وَيَجْزِيهِمُ مَا لَمْ أُكَلِّفْهُ فِعْلَهُ

لِنَفْسِي فَقَدْ أَعْدَدْتُهُ مِنْ تُرَاثِيَا ... فَمَا لَكَ لَمَّا أَنْ حَنَى الدَّهْرُ صُعْدَتِي

وَثَلَّمَ مِنِّي صَارِمًا كَانَ مَاضِيَا ... تَنَكَّرْتَ حَتَّى صَارَ بِرُّكَ قَسْوَةً

وَقُرْبُكَ مِنْهُمُ جَفْوَةً وَتَنَابِيَا ... وَأَصْبَحْتُ صِفْرَ الْكَفِّ مِمَّا رَجَوْتُهُ

أَرَى الْيَأْسَ قَدْ عَفَّى سَبِيلَ رَجَائِيَا ... عَلَى أَنَّنِي مَا حُلْتُ عَمَّا عَهِدْتُهُ

وَلَا غَيَّرَتْ هَذِي السُّنُونُ وِدَادِيَا ... فَلَا غَرْوَ عِنْدَ الْحَادِثَاتِ فَإِنَّنِي

أَرَاكَ يَمِينِي وَالْأَنَامَ شِمَالِيَا ... تَحِلُّ بِهَا عَذْرَاءُ لَوْ قُرِنَتْ بِهَا

نُجُومُ السَّمَاءِ لَمْ تُعَدَّ دَرَارِيَا ... تَحَلَّتْ بِدُرٍّ مِنْ صِفَاتِكَ زَانَهَا كَمَا

زَانَ مَنْظُومُ اللَّآلِي الْغَوَانِيَا ... وَعِشْ بَانِيًا لِلْمَجْدِ مَا كَانَ وَاهِيًا

مُشِيدًا مِنَ الْإِحْسَانِ مَا كَانَ هَاوِيَا

وَكَانَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا فِيهِ تَمَاسُكٌ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ مُرْشِدٌ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَلَبَ أَخُوهُ لِأَوْلَادِهِ ظَهْرَ الْمِجَنِّ، وَبَادَأَهُمْ بِمَا يَسُوؤُهُمْ، وَأَخْرَجَهُمْ مِنْ شَيْزَرَ، فَتَفَرَّقُوا وَقَصَدَ أَكْثَرُهُمْ نُورَ الدِّينِ، وَشَكَوْا إِلَيْهِ مَا لَقُوا مِنْ عَمِّهِمْ، فَغَاظَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ قَصْدُهُ وَالْأَخْذُ بِثَأْرِهِمْ وَإِعَادَتُهُمْ إِلَى وَطَنِهِمْ لِاشْتِغَالِهِ بِجِهَادِ الْفِرِنْجِ، وَلِخَوْفِهِ أَنْ يُسَلِّمَ شَيْزَرَ إِلَى الْفِرِنْجِ.

ثُمَّ تُوُفِّيَ سُلْطَانٌ وَبَقِيَ بَعْدَهُ أَوْلَادُهُ، فَبَلَغَ نُورَ الدِّينِ عَنْهُمْ مُرَاسَلَةُ الْفِرِنْجِ فَاشْتَدَّ حَنَقُهُ عَلَيْهِمْ، وَانْتَظَرَ فُرْصَةً تُمَكِّنُهُ، فَلَمَّا خَرِبَتِ الْقَلْعَةُ هَذِهِ السَّنَةَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الزَّلْزَلَةِ لَمْ يَنْجُ مِنْ بَنِي مُنْقِذِ الَّذِينِ بِهَا أَحَدٌ.

وَسَبَبُ هَلَاكِهِمْ أَجْمَعِينَ أَنَّ صَاحِبَهَا مِنْهُمْ كَانَ قَدْ خَتَنَ وَلَدًا لَهُ، وَعَمِلَ دَعْوَةً لِلنَّاسِ، وَأَحْضَرَ جَمِيعَ بَنِي مُنْقِذٍ عِنْدَهُ فِي دَارِهِ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ يُحِبُّهُ، وَيَكَادُ لَا يُفَارِقُهُ، وَإِذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ أُقِيمَ الْفُرْسُ عَلَى بَابِهِ. وَكَانَ الْمُهْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى بَابِ الدَّارِ فَجَاءَتِ الزَّلْزَلَةُ، فَقَامَ النَّاسُ لِيُخْرِجُوا مِنَ الدَّارِ، فَلَمَّا وَصَلُوا مُجْفِلِينَ إِلَى الْبَابِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015